كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 48 """"""
أمر بإخراجه ليستريح ، فأخرج ، وأنزل بالميدان في جتر أمر بنصبه له ، فلما صار
الرسول بالدهليز سأل العود إلى نائب السلطنة فاستؤذن على ذلك ، فلم يؤذن له ،
فأرسل الرسول إليه يقول : أنا إنما أتيت من قبل الملك ، ولم أجئ من قبل جوبان
النائب ، ولا الأمراء ، فكيف سألني نائب السلطان عنهم ، ولم يسألني عن الملك ؟
فأجابه الأمير سيف الدين ( تنكز ) بقوله : أنا نائب سلطنة لا أسأل إلا عن نائب سلطنة
مثلي أو أمير ، وأما الملك فإنما يسأل عنه السلطان خلد الله ملكه ، ثم أرسل إليه يعنفه
على ما صدر منه من الحمق والترفع على الأمير الذي سيره للقائه ، وقال : " إن ما
وراء الفرات من البلاد الحادثة في مملكتكم هي بلاد كفر ونفاق وخوارج ، وأما ما
وراء الفرات مما يلي الشام فهي بلاد إسلام ، ومساكن أنبياء ، ومقر العباد والصلحاء
والعلماء والفقهاء ، فينبغي لمن يحضر إليها أن يتأدب بأدب الله تعالى " ، فاستعظم
الرسول نائب السلطنة بالشام ، وتهذبت أخلاقه وتأدب بعد ذلك مع من يصل إليه ، ثم
أمره بالمسير إلى الأبواب السلطانية ، فتوجه وطالع نائب السلطنة السلطان بصورة
الحال ، فشكر فعله .
ولما وصل الرسل إلى الأبواب السلطانية ، ومثلوا بين يدي السلطان أحسن إليهم
وأكرمهم ، وأجلسهم في مجلسه ، وأدوا الرسالة ، فكان مضمونها طلب الصلح ،
والحلف على ذلك ، فحلف لهم السلطان .
وكان الأمير سيف الدين أيتمش المحمدي لما توجه في الرسالة إلى الملك أبي
سعيد حلفه أيضا على انتظام الصلح ، وإطفاء نايرة الحرب ، وكف الغارات من
الجهتين ، وأحضر الرسل معهم هدية من جهة الملك إلى السلطان حياصتين وقماشا ،
فقبل السلطان تقدمتهم ، وذكروا أن التقادم واصلة صحبة تاجر الملك أبي سعيد ، فأقبل
السلطان عليهم ، وأنزلهم برواق بدار النيابة بقلعة الجبل ، ورتب لهم الرواتب الوافرة
من المأكل والحلويات والفواكه وأنواع الأشربة المباحة وغير ذلك ، ثم أحضرهم يوم
الخميس وخلع عليهم ؛ فخلع على المشار إليه منهم أطلسا معدنيا بطرززركش ،
وحياصة وكلوتة وسيفا محلى بالذهب ، وخلع على الاثنين [ الآخرين ] طردوحش
مقصبا بذهب وحوايص وكلوتات ، وخلع على من معهم من الأتباع والكبلجية
والغلمان ما يناسبهم .

الصفحة 48