كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
ولما كان في يوم السبت تاسع عشر جمادى الآخرة أمر السلطان بركوبهم بين
يديه إلى الميدان ، وأنعم عليهم بثلاثة أرؤس خيل ، فركبوا في خدمته وشاهدوا مواكبه
العظيمة ، فرأوا ما لم يروا مثله ، ثم أحضرهم السلطان في يوم الاثنين الحادي
والعشرين من الشهر ، وخلع عليهم ثانيا نظير تلك الخلع ، وأجابهم عن رسالتهم ،
وأنعم عليهم بالأموال الكثيرة ، وأحسن إليهم غاية الإحسان .
وكان في جملة رسالتهم سؤال السلطان أن يزوج ابنته من ابن الأمير جوبان
نائب الملك أبي سعيد ، فاعتذر السلطان عن ذلك بصغرها ، وقال : إن هذه عمرها
خمس سنين ، وإذا صلحت للتزويج أجبنا سؤالكم إن شاء الله تعالى ، وأعادهم
مكرمين ، فكان توجههم من قلعة الجبل في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من الشهر ،
وتوجه معهم الأمير سيف الدين أيتمش المحمدي حتى أوصلهم إلى غزة ، هذا ما كان
من خبرهم .
ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى بلاد النوبة
وفي هذه السنة - في شوال منها - أمر السلطان بتجريد طائفة من العسكر
المنصور المصري إلى بلاد النوبة ، فجرد ثلاثة من الأمراء وهم : سيف الدين طقصبا
الناصري الحسامي ، وهو المقدم على العسكر ، وعلاء الدين علي بن قرا سنقر
المنصوري ، وعز الدين أيدمر الكبكي ، وجرد جماعة من المماليك السلطانية ،
ومن الحلق ، ومن أجناد الأمراء من كل أمير مائة جنديان ، ومن كل أمير طلبخاناه
جندي ، فبلغت عدتهم نحو خمسمائة فارس ، وكان خروجهم من القاهرة في مستهل
ذي الحجة .
وسبب تجريد هذا العسكر أن كنز الدولة بن شجاع الدين نصر بن فخر الدين
مالك بن الكنز ، لما تملك النوبة بعد وفاة خاله إبرام أخي كرنبس - كما تقدم -
واستقل بالملك ، واتصل ذلك بالسلطان أفرج عن كرنبس ، وجهزه إلى النوبة ، وجرد
هذا العسكر لنصرته فتوجهوا ، فلما قاربوا البلاد فارقها كنز الدولة ، وتوجه وصحبته
من انضم إليه من العربان ، فتبعه العسكر إلى الأبواب ، فلم يظفروا به ، فلما حصل
أمانهم منه ، عادوا إلى دنقلة ، وملكوا كرنبس بها ، وعاد العسكر وتركه ، ولما علم كنز
الدولة بعود العسكر جمع العربان وعاد إلى دنقلة ، وأخرج كرنبس منها ، واستقل

الصفحة 49