كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
ذكر إبطال المعاملة بالفلوس العتق ، بالقاهرة ومصر ،
وأعمال الديار المصرية
قد ذكرنا إبطال المعاملة بالفلوس عددا واستقرارها حسابا عن كل رطل ثلاثة
دراهم ، وفي يوم الاثنين العاشر من المحرم توقف أرباب المعايش عن المعاملة بها
بهذه القيمة لكثرتها ، فرسم بالمعاملة بها حسابا عن كل رطل درهمين ونصف درهم ،
فتعامل الناس بها ، ثم توقفوا فيها ، فلما كان يوم الجمعة الحادي والعشرين من
المحرم نودي في المدينتين بالأمر السلطاني بإبطال المعاملة بالفلوس العتق ، وأن تكون
المعاملة بين الناس بفلوس جدد أمر بضربها بدار الضرب فاضطرب الناس لذلك
اضطرابا شديدا ، وأغلق كثير من أرباب المعايش حوانيتهم . وأبيعت الفلوس في بقية
يوم الجمعة ، وبكرة نهار السبت كل رطل منها بدرهم واحد ونصف درهم . ووقفت
معايش الناس ، فإنه لم يكن قد ضرب من الفلوس الجدد الناصرية ما يدور في أيدي
الناس . ونودي في المدينتين في بكرة نهار السبت أنه من كان عنده شيء من الفلوس
يحمله إلى دار الضرب ، ويأخذ ثمنه حسابا عن كل رطل درهمين ، هذا والناس
يتعاملون بها فيما بينهم على حسب اتفاقهم بدرهم ونصف ، وأقل منه ، وأكثر ،
وأحوال الناس في المعاملة بها على غاية الاضطراب ، ثم رسم بالمعاملة بها الرطل
بدرهمين ، والفلوس الجدد عددا على العادة القديمة ، وخرجت الفلوس الجدد من دار
الضرب ، وعلى أحد وجهيها اسم السلطان ، وعلى الوجه الآخر مثال بقجة مربعة ،
وزنة كل فلس منها نصف وربع وثمن درهم ، فتعامل الناس بذلك إلى شهر رجب من
هذه السنة ، إلى أن كثرت الفلوس الجدد ، وضربها الزغلية ، وخففوا وزنها ، فصار
الفلس منها زنة نصف درهم ، ونحو ذلك ، فعاد الناس وتوقفوا في أخذها ، فرسم في
يوم السبت السادس والعشرين من شهر رجب بالمعاملة بالفلوس الجدد والعتق ، الرطل
بدرهمين ونصف ، واستمرت الحال إلى سادس المحرم سنة أربع وعشرين وسبعمائة
على ما نذكره .

الصفحة 5