كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 52 """"""
التي بالقاهرة التي بحارة زويلة ، وأجرى عليها في كل شهر خمسة آلاف درهم ومائة
وخمسين درهما ، وفي كل يوم من اللحم والتوابل والفواكه والقلويات والسكر
والحلوى والكساوى وغير ذلك ما تزيد قيمته في كل شهر على خمسة عشر ألف
درهم ، ولما خرجت من القلعة شاع عند الخواص والعوام أن السلطان طلقها ، إلا أن
السلطان ما صرح بطلاقها ، فلما توفيت حضر أخوها الأمير جمال الدين خضر بن
نوكية إلى دارها ، وقصد عرض ما خلفته ، وطلب الجواري المتسلمات قماشها
ومالها ، وتهددهن بالقتل إن عدم من مالها شيء ، فبينا هو على ذلك إذ دخل الطواشي
شجاع الدين عنبر أمير لالا ، وزمام الأدر ، وأنكر عليه فعله ، وأخرجه من الدار ،
فتوجه إلى منزله ، ولم يشهد جنازتها ، ثم ورد مرسوم السلطان قبل دفنها - وكان
السلطان يتصيد بأعمال الجيزية - بمنع الأمير جمال الدين أخوها من التعرض إلى
تركتها والإنكار عليه ، والاحتراز على الموجود وضبطه ، وإقرار ما كان باسمها من
المرتب على جواريها ، وخدمها إلى أن يعود السلطان إلى القلعة .
ولما كان في يوم الأحد مستهل صفر أرسل السلطان إلى أخيها المذكور مائة
ألف درهم وعشرة آلاف درهم ، ووقع الإشهاد عليه بالبراءة من جميع ما خلفته أخته
من الأموال والمصوغ والأملاك وسائر الأصناف على اختلافها ، وأشهد عليه أنه وصل
إلى حقه من ذلك كله ، وأبرأ ذمة السلطان .
وفي هذه السنة أمر السلطان بحفر خليج الذكر من فمه مما يلي نهر النيل إلى
أن ينتهي إلى الخليج الحاكمي ، فقسم ذلك على الأمراء ، وحفر حفرا جيدا حتى نبع
الماء في بعضه ، وأصرف الأمراء على هذا الحفر الحفير جملة كثيرة من أموالهم وكان
الشروع في الحفر في العشر الأخر من جمادى الآخرة فلما فتح كادت القاهرة أن
تغرق لكثرة المياه الجارية منه وحدتها ، فاقتضى ذلك سد القنطرة التي عليه وكان قد
بنى لها عضادتان مما يلي البحر ؛ ليدفعا عنها صدمة الماء ، فتحامل الماء على القنطرة
فاقتلعها ، ولم يفد ما عضدت به ، ولم يحصل منه من الإفادة ما كان يظن به ، فأمر
السلطان بحفر خليج مستجد ، على ما نذكره في سنة خمس وعشرين وسبعمائة .

الصفحة 52