كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 54 """"""
والبلاد الشامية إلى الأبواب السلطانية ، ومثلوا بين يدي السلطان ، وأحضروا ما معهم
من الهدايا فقبلت ، وشملهم الإنعام ، وأعيدوا إلى مرسلهم بالهدايا بالهدايا صحبة رسل
السلطان إليه .
وفيها وصل إلى الديار المصرية الملك موسى متملك بلاد التكرور لقصد
الحج ، وتوجه إلى الحجاز الشريف ، ورجع إلى بلاده في سنة خمس وعشرين ، ولكان
قد أحضر صحبته جملة كثيرة من الذهب ، فأنفقها بجملتها وفرقها ، وتعوض ببعضها
قماشا ، واحتاج إلى أن استدان جملة من التجار وغيرهم قبل سفره .
ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة
وصرف من نذكر من ولاة المناصب ، وتفويض الوزارة
إلى الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي وترتيب من نذكر
وفي يوم الخميس الثامن من شهر رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة عزل
الصاحب أمين الدين عبد الله عن الوزارة ، وسبب ذلك أنه لما فوض إليه أمر الوزارة
ألان جانبه للناس ، وكف لسانه ويده عن أذاهم ، وأخذ نفسه بالتأني والسكون وعدم
القلق ، فطمع الناس ، وقصر الولاة والمباشرون في استخراج الأموال ، وتحصيل
الغلال ، فانساق بعضها إلى الباقي ، واتصل ذلك بالسلطان ، فأجمع رأيه على عزله ،
وشاع ذلك بين الناس في أوائل الشهر ، فلما كان في هذا اليوم رسم السلطان
بانفصاله ، وعامله حالة العزل بإحسان كثير ، وذلك أنه رسم له في يوم الخميس هذا
تنفيذ الأشغال والكتابة على عادته إلى ما بعد صلاة العصر ، ثم قام من مجلس
الوزارة ، وخرج وحجابه بين يديه ، ومن جرت العادة بركوبه في موكبه من أرباب
المناصب ، وركب والناس يدعون له ، ويستبشرون ببقائه واستمراره ، فلما وصل إلى
داره بالقاهرة ، واستقر بها خرج خادمه ، وصرف من على بابه من الغلمان والمقدمين
والسعاة وغيرهم ، وأعلم من كان على الباب بانفصاله ، ولم يستقر في خدمته من
غلمانه إلا من كان في خدمته من قبل وزارته ، وانقطع بداره ولم يركب في يوم

الصفحة 54