كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 56 """"""
الخميس والاثنين ، ويعود في بقية النهار إلى الجيزية ، وندب معه شهاب الدين الناظر ،
ثم رسم بعد ذلك أن يتوجه الأمير علم الدين المذكور إلى طرابلس على وظيفة الشد
بها ، فتوجه وباشر الوظيفة المذكورة مدة يسيرة ثم عزل عنها .
وأما ناظرا النظار المنفصلان فإن القاضي شرف الدين بن زنبور لما أفصل من
النظر ، رتب في نظر خزائن السلاح ، وخلع عليه ، ونقل ناظر خزائن السلاح - وهو
القاضي علاء الدين بن القاضي برهان الدين البرلسي - إلى نظر بيت المال على عادته
القديمة ، وأعيد القاضي تاج الدين بن السكري ناظر بيت المال إلى شهادة الخزانة .
وفي ذو القعدة من السنة طولب الصاحب أمين الدين والقاضي موفق الدين ناظر
النظار - كان - بتفاوت ثمن كتان كان الصاحب قد رسم بأخذه من بعض فلاحي
الجيزية من جملة ما عليهم من البواقي بمبلغ مائة ألف درهم ، ولم يحفظ القيمة وقرر
على الصاحب أمين الدين خمسون ألف درهم ، وعلى القاضي موفق الدين خمسة
وعشرون ألف درهم ، ورسم باستخراج جامكية شهرين من سائر مباشري الدواوين
السلطانية ، فاستخرج ذلك منهم .
وفي هذه السنة سقط من منارة الإسكندرية أكثرها ، كان سقوط ذلك شيئا
فشيئا ، وفيها - في ذي الحجة - وصل إلى الأبواب السلطانية رسل الملك أبي سعيد
صاحب خراسان والعراقين وما مع ذلك ، ومثلوا بين يدي المقام الشريف السلطاني
بقلعة الجبل المحروسة في يوم الاثنين ثامن الشهر ، وأحضروا صحبتهم من التقادم
والهدايا ما لم تجر بمثله عادة لكثرته ، وخلع السلطان عليهم ، وشملهم بالإنعام
الوافر ، ورسم بعودهم في يوم الخميس حادي عشر الشهر .
ذكر متجددات وحوادث كانت بالشام
في هذه السنة غلت أسعار الغلال بالشام وانتهت غرارة القمح بدمشق إلى مائة
وعشرين درهما ، فلما اتصل ذلك بالسلطان الملك الناصر - خلد ملكه - برز أمره
المطاع بما أوجب انحطاط الأسعار ، وذلك أنه رسم بإبطال ما على الغلال من المكس
في سائر البلاد الشامية ، وذلك في شهر ربيع الآخر ، ثم رسم للنائب بالكرك
المحروس أن ينقل إلى دمشق المحروسة جملة من الغلال التي بها ، فانحلت الأسعار ،
ثم رسم لسائر الأمراء بالديار المصرية أن يحملوا الغلال إلى دمشق ، وقرر على كل
أمير حمل جملة معينة من الغلال ، وأن يحضر نائبه ما يدل على وصول ذلك إلى
دمشق ، فحملت الغلال ، وانحطت الأسعار انحطاطا كثيرا ، ولله الحمد .

الصفحة 56