كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 66 """"""
ولما ولي الأمين الأمر أقر حمادا مديدة ، ثم سار نحو العراق واستخلف ابن
أخيه ، فكتب أهل اليمن إلى الأمين يشكونه ، فعزله واستعمل محمد بن عبد الله بن
مالك الخزاعي ، فقدم خليفة له ، ثم قدم فاستخرج من عمال حماد أموالا جليلة ،
وعدل في الناس ثم عزله الأمين واستعمل سعيد بن السرح الكناني ، فقدم صنعاء في
شعبان سنة خمس وتسعين ، فأقام حتى ثارت الفتنة بين الأمين والمأمون ، وسار
طاهر بن الحسين لمحاربة الأمين ، وضعف أمره .
فبعث طاهر بن الحسين على اليمن يزيد بن جرير بن يزيد بن خالد بن عبد الله
القسري ، فقدم صنعاء آخر سنة ست وتسعين ، فقبحت سيرته في الناس ، ثم آتاه رجل
من أهل العراق يكنى أبا الصلت قدم عليه طالبا ، فلم يعطه شيئا ، فرجع حتى إذا كان
بضمر من بلد همدان وجد عمر بن إبراهيم بن واقد بن محمد بن عبد الله بن عمر بن
الخطاب ، وكان نازلا مع أخواله أرحب من السلمانيين ، فأخبره خبره ، فقال : بئس
والله ما صنع يزيد ، ووصله بعشرين دينارا ، فقال أبو الصلت : لا جرم ، لأحسنن
مكافأتك إن شاء الله تعالى ، فخرج من عنده ومكث وقتا ، ثم قدم عليه بكتاب افتعله
بولايته اليمن ، فقدم عمر ابنه محمد في نفر من الأعراب وقوم جمعهم ، فقدم صنعاء
في صفر سنة ثمان وتسعين ومائة ، وحبس يزيد بن جرير ، ثم قدم أبوه فأقام وقتا ،
وأخرج يزيد من الحبس ميتا ، وكانت ولاية عمر شهرا ، ثم عزله المأمون بإسحاق بن
موسى بن عيسى الهاشمي ، فقدمها في ذي القعدة سنة ثمان وتسعين [ وماية ] ، فأقام
بها سنة تسع تسعين [ وماية ] ، ثم سار يريد الحجاز ، واستخلف ابن عمه القاسم بن
إسماعيل وذلك حين بلغه ظهور محمد بن إبراهيم المعروف بابن طباطبا بالكوفة ،
واستيلائه عليها ، وإرساله جماعة من الطالبيين نحو الحجاز ، فاستولوا على المدينة
ومكة ، فلما انتهى إسحاق إلى ضمر وثب به الأعراب فقاتلوه ، فرجع إلى صنعاء ،
فاتصل به قدوم إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد الطالبي واليا على اليمن بعثه
الحسين بن الحسن الطالبي المعروف بالأفطس لما استولى على مكة والموسم ، فقدم
إبراهيم اليمن في صفر سنة مائتين ، فأسرف في القتل حتى سمي الجزار ، ولم تزل
أموره مستقيمة باليمن حتى ثار محمد بن إبراهيم ، وقام بعده محمد بن محمد بن
محمد بن زيد بن علي ، فلما أسر محمد ، وقتل أبو السرايا - كما قدمناه - انحلت أمور
الطالبيين بالحجاز واليمن ، فبعث المأمون محمد بن علي بن عيسى بن ماهان ، فكانت
بينه وبين إبراهيم وقائع استظهر فيها ابن ماهان على إبراهيم ، فأقام إبراهيم يتردد في
القرى التي حول صنعاء حتى قدم عليه عهد المأمون بولاية اليمن ، فأبى ابن ماهان أن

الصفحة 66