كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 67 """"""
يسلمها إليه ، فالتقيا عند صنعاء فهزمه ابن ماهان ، فعاد إبراهيم ، ولم يستقم له أمر بعد
ذلك ، فقدم عيسى بن يزيد الخلودي التميمي واليا ، فجمع ابن ماهان عشرة آلاف
مقاتل وخرج إليه ولده عبد الله من صنعاء ، وقد خندق الخلودي على نفسه ، فالتقوا
فهزمه الخلودي ، ودخل صنعاء ، واستمرت الهزيمة بعبد الله حتى دخل مكة ، واختفى
أبوه بصنعاء ، فقبض عليه الخلودي وحبسه ، وفرق عماله في المخاليف ، وشخص
نحو العراق .
ذكر أخبار دولة بني زياد
كان المأمون قد قلد محمد بن عبد الله بن زياد الأعمال التهامية ، وما استولى
عليه من الجبال ، فقدم اليمن في سنة ثلاث ومائتين ومعه رجل تغلبي يسمى محمد بن
هارون قاضيا ، وهو جد بني عقامة ، ولم يزل الحكم فيهم يتوارث حتى أزالهم ابن
مهدي حين أزال دولة الحبشة على رأس الخمسين وخمسمائة ، فاستولى ابن زياد على
تهامة بعد حروب جرت بينه وبين العرب ، واختط مدينة زبيد في سنة أربع ومائتين ،
وكان مع ابن زياد مولى له يسمى جعفر ، وهو الذي نسب إليه مخلاف جعفر ، وكان
فيه دهاء وكفاية حتى كانوا يقولون : " ابن زياد بجعفره " واشترط على عرب تهامة ألا
يركبوا الخيل ، وسيره مولاه إلى المأمون في سنة خمس ومائتين بهدايا جليلة وأموال
عظيمة ، فعاد في سنة ست ومعه ألفا فارس فيهم من مسودة خراسان تسعمائة فعظم
أمر ابن زياد ، وملك حضرموت وديار كندة والشحر ومرباط ، وأبين ولحج وعدن
والتهايم إلى حلي ، وملك من الجبال أعمال المعافر والجند والمخلاف وقلده جعفرا ،
فاختط بهم مدينة المذيخرة في جبل ذي أنهار ورياحين واسعة ، وخطب لابن زياد
بصنعاء وصعدة ونجران وبيحان ، ومات سنة خمس وأربعين ومائتين .
وقام بعده زياد بن إبراهيم فلم تطل مدته .
فملك بعده أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم ، فامتنع عليه أهل الأطراف ،
وانقطعت الخطبة له في الجبال ، واستولى سليمان بن طرف على المخلاف ، وهو من
الشرجة إلى حلي ، وجعل السكة والخطبة باسمه ، فكان مبلغ ارتفاع عمله في السنة
خمسمائة ألف دينار عثرية ، وهذا المخلاف هو المعروف بالسليماني ، نسبته إلى
سليمان هذا ، وخرج أيضا من ولاية أبي الجيش - لحج وأبين وما عداها - إلى البلاد
الشرقية .

الصفحة 67