كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 69 """"""
وقد كان حين توفي الحسين بن سلامة ، واختلف عبيده ، هرب ملوك الجبال من
سجنه ، ولحقوا ببلادهم ، فغلب بنو معن على عدن ولحج وأبين والشحر
وحضرموت ، وغلب بنو الكرندى - وهم قوم من حمير كانت لهم سلطنة ومكارم
ظاهرة ومفاخر - على السوا والسمدان والدملوة وحصن صبر وحصن ذخر والتعكر
ومخاليفها ، والمعافرية والجعفرية والجندية ، وتغلب على حب وحصن الشعر رجل
يعرف بالحسين بن النبعي ، وبنو عبد الواحد على برع والعمد ونعمان ، ولم يزل نجاح
متوليا على الأعمال التهامية حتى ملكها الصليحي على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ثم كانت لهم دولة يأتي ذكرها بعد أخبار الصليحي - إن شاء الله تعالى - فنرجع
إلى أخبار صنعاء ، ومن وليها بعد الخلودي .
ذكر أخبار صنعاء ومن وليها بعد الخلودي
قال : ولما شخص الخلودي إلى العراق قيل : إنه استخلف رجلا يقال له
حصن بن المنهال ، فأقام حتى قدم عليه إبراهيم الإفريقي ، وهو رجل من بني شيبان بن
ربيعة ، فأقام على اليمن مدة ، ثم عزل بنعيم بن الوضاح الأزدي ، والمظفر بن يحيى
الكندي اشتركا في العمل ، فقدما صنعاء في صفر سنة ست ومائتين ، وسار المظفر
يجبي الجند ومخاليفها ، وقام بها مدة ، ورجع إلى صنعاء فمات بعد أيام من رجوعه ،
فاستقل نعيم بالأمر حتى عزل بمحمد بن عبد الله بن محرز مولى المأمون ، فقدم
اليمن سنة ثمان ومائتين ولم يلبث أن شغب عليه الجند ، فخرج نحو الحجاز
واستخلف عباد بن الغمر الشهابي ، فأقام حتى قدم إسحاق بن العباس بن محمد بن
علي بن عبد الله بن عباس اليمن ، وهي ولايته الثانية وكان مقدمه آخر شهر رجب سنة
تسع ومائتين فأساء السيرة ، وظلم الناس ، ونال من التهامية كل منال ، فكان لا يسأل
أحدا عن نسبه فينتسب إلا ضرب عنقه ، حتى كان من سأله بعد ذلك عن نسبه قال :
مولى بني العباسي ، ولم يترك بحمير ذكرا ولا رسما ، ولم يزل كذلك حتى مات سنة
عشرة ومائتين ، وقيل : إن أهل صنعاء شكوه إلى المأمون ، فأمر بإشخاصه ، فلما مثل
بين يديه ، قال له المأمون : ضع يدك على رأسي ، ففعل ، قال : قل : وحياة رأسك لا
ضربت عنقا ، فقال ، فقال له : " عد إلى عملك " فعاد ، فكان بعد ذلك يوسط الناس .
ولما مات إسحاق استخلف عند موته ابنه يعقوب ، فحاربه أهل الجند وأهل
صنعاء فسار إلى ذمار ، وقدم إلى صنعاء - من قبل المأمون - عبد الله بن عبيد الله بن
العباسي الهاشمي ، فكان بها حتى توفي المأمون سنة ثمان عشرة ومائتين ، فلحق
بالعراق واستخلف عباد بن الغمر الشهابي ، وبايع الناس للمعتصم بالله بن الرشيد ،
فأقر الغمر سنين .

الصفحة 69