كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
عشرة آلاف درهم ، ووفر جامكية جماعة من المباشرين بشرط الواقف ، وتقديرها
نحو ذلك ، واسترجع جهات من الوقف كانت مؤجرة بأجاير شرعية ، فأخذها ممن هي
في يده بالإيجار الشرعي ، وحماها فتميز ريعها ، وتحدث مع السلطان في عمارة
الجامع من أموال الخاص ، فرسم بذلك فعمر ، ووقف السلطان عليه وقفا من جهته ،
وحمى أوقافه المسقفة ، ونقل السكان إليها ، فحصلت الزيادة فيها جملة في كل سنة ،
فاتسع المال بهذه الأسباب ، وفاض المتحصل عن كفاية المرتبين عليه ، وعلم القاضي
كريم الدين أنه لا يستحق جامكية النظر التي شرطها الواقف للناظر ، وهي في كل شهر
أربعمائة درهم ، فامتنع من أخذها ، وبعثها إلى قاضي القضاة بدر الدين ، فردها ولم
يقبلها ، فتوفرت هي وجامكية نيابة النظر ، وهي في كل شهر مائة درهم ، وكان قد
تأخر في مدة قاضي القضاة للمدرسين والمعيدين والطلبة خمسة أشهر ، فامتنع
كريم الدين من صرف ذلك إليهم ، لاستقبال مباشرته ، واستمر الصرف لهم كل شهر
في مستهل الشهر الذي يليه .
ذكر حفر البركة الناصرية
وفي هذه السنة أمر السلطان الملك الناصر بحفر بركة بخط الزهري ظاهر
القاهرة المحروسة مساحتها سبعة أفدنة وأن يجري الماء إليها من نهر النيل المبارك ،
وأن يحكر ما حولها بنسبة بركة الفيل وغيرها من البرك ، وكان في جملة هذه الأرض
سبعة أفدنة جارية في وقف ، فأمر السلطان وكيله باستئجارها للسلطان بأجرة معلومة ،
وكانت أرض هذه البركة قبل ذلك مقاطع يقطع منها الطين الإبليز برسم العماير ، ثم
رمى الناس فيها زبايلهم ، فصار في مواضع منها كيمان كثيرة ، وفي بعضها حفر من
آثار القطع ، ورسم السلطان أنه مهما قطع من أتربة تلك البركة يرمى في البركة
المجاورة للميدان التي هي مقاطع الطين الإبليز ، وأن يمهد ويضاف إلى الميدان توسعة
له ، فحصل الشروع في حفرها في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول ،
ورسم للأمراء بحفرها ، فوزعت عليهم على قدر مراتبهم ، وندب الأمراء أجنادهم ،
والأجناد غلمانهم ، وعملوا بأنفسهم وبأتباعهم ، وأخرج كل أمير صنجقة

الصفحة 7