كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 72 """"""
ولما توفي المعتضد بالله في سنة تسع وثمانين ومائتين ، وولي ولده المكتفي ،
ولي اليمن مولاهم نجح بن نجاح ، فوردت كتبه على عثمان بن أبي الخير ، وأسعد بن
أبي يعفر بتجديد ولايتهم ، ثم قدم جفتم للمرة الثانية واليا على اليمن ، فلما وصل إلى
يأزل ( قرية من قرى بني شهاب ) خرج إليه جراح وإبراهيم ابنا خلف كالمسلمين عليه ،
فقبضا عليه ، وصار جيشه إليهما ، وحبساه مدة ، ثم احتال وخرج ، وسار إلى صنعاء
فانضم إليه الجند الذين بها ، وأصحابه الذين وصلوا معه ، وأسعد وعثمان يغدوان عليه
في كل يوم يسلمان عليه ، وسألهما تسليم الأمر إليه فاستنظراه أياما ، فجمع أصحابه
وكبسهما ، فأراد الهرب ، فلم يمكنهما ، فخرجا في مواليهما ومن انضم إليهما من أهل
صنعاء فقاتلاه ، فقتل في نفر من أصحابه ، ومال الجيش إليهما وأكل قوم من أهل
صنعاء من لحم جفتم ، ثم وثب أسعد على ابن عمه عثمان فحبسه ، واستبد بالأمر إلى
سنة ثلاث وتسعين ومائتين .
ذكر أخبار علي بن الفضل والمنصور بن حسن بن
زادان دعاة عبيد الله المنعوت بالمهدي
قال : ودخل علي بن الفضل القرمطي ، وأصله من اليمن من حمير ، والمنصور
وهو ابن الحسن بن زادان بلاد اليمن داعيين لعبيد الله المنعوت بالمهدي ، وتحيلا
وتلطفا ، واستمالا الناس حتى غلبا على أكثر البلاد ، وكانت لهما حروب باليمن ،
وقتلى كثيرة يطول الشرح بذكرها ، وخرج الأمر في غالب بلاد اليمن عن بني العباس
سنين كثيرة ، ثم ظهر الزيدية والإمامية ، وكانت لهم حروب كثيرة ، ووقائع مشهورة ،
حتى استولى علي بن الفضل على صنعاء ، فانهزم منه أسعد بن أبي يعفر ، فعند ذلك
أظهر ابن الفضل مذهبه الخبيث ، وادعى النبوة ، وكان يؤذن في عساكره بالشهادة أنه
رسول الله ، وأباح المحرمات ، وفي ذلك يقول شاعر في عصرهم :
خذي الدف يا هذه واضربي
وغني هزارك ثم اطربي
تولى نبي بني هاشم
وهذا نبي بني يعرب
لكل نبي مضى شرعة
وهذي شريعة هذا النبي
فقد حط عنا فروض الصلاة
وحط الصيام ولم يتعب
إذا الناس صلوا فلا تنهضي
وإن صوموا فكلي واشربي
ولا تطلبي السعي عند الصفا
ولا زورة القبر في يثرب
ولا تمنعي نفسك المعرسين
من الأقربين ومن أجنبي