كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 75 """"""
وستين وثلاثمائة ، وكانت له حروب مع ابن أبي الفتوح وابن الضحاك وغيرهما ،
ودخل صنعاء ثم فارقها ، وكان يحارب ابن أبي الفتوح مرة ويصالحه أخرى ، ولم يزل
أمر صنعاء في غاية الاضطراب إلى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ، تارة يغلب عليها
الإمام وابن أبي الفتوح ، وتارة الضحاك ، وتارة حاشد ، والعرب من همدان وحمير
وخولان وبني شهاب مفترقة على هؤلاء ، فمن كثر جمعه غلب عليها ، ولم يكن
الإمام يوسف هذا من الأئمة السابقين عند أهل البيت ، ولا عدوه من أئمة الزيدية .
فلما كان في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وصل الإمام المنصور القاسم بن
علي بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن إبراهيم ، وهو أحد أئمة الزيدية فاضلا فيهم
مصنفا ، وكان مقامه قبل ذلك بترح من بلد خثعم ، ثم أقام بتبالة ، ووصل صعدة
وملكها ، وسار إلى نجران ، وأرسل إلى صنعاء من قبله شريفا يعرف بالقاسم بن
الحسين الزيدي ، فتصرف في صنعاء بأحكام الإمامية ، ثم خالف أهل نجران على
الإمام ، وكانت له حروب إلى أن مات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ، فوصل ابن أبي
حاشد إلى صنعاء ، وخطب للزيدي ، ثم تغيرت عليه الأحوال ، فخرج منها بغير
سلطان ، ودامت الفتنة بصنعاء ، وهي في أكثر أوقاتها بغير سلطان ، والغالب عليها
الضحاك إلى سنة أربعمائة ، فسار جماعة من همدان وبني شهاب إلى الزيدي إلى
ذمار ، فسار معهم إلى صنعاء ، فدخلها في ذي القعدة من السنة .
فلما كان في صفر سنة إحدى وأربعمائة وصل الحسين بن القاسم بن علي إلى
قاعة وادعى أنه المهدي الذي بشر به النبي [ ] ، فأجابه حمير وهمدان وسائر أهل
المغارب ، وتخلوا عن الزيدي ، فوصل إلى صنعاء اليمن ، وكانت بينه وبين الزيدي
حروب ، فقتل الزيدي في حقل صنعاء في سنة ثلاث وأربعمائة ، ورجع الإمام
الحسين بن القاسم الزيدي إلى ريدة وترك أخاه جعفرا بصنعاء ، ثم كانت له حروب
مع محمد بن القاسم الزيدي ، وكان ابن الزيدي قد جمع جموعا كثيرة ، فانهزم ابن
الزيدي ، واستولى الحسين على صعدة وغيرها ، ثم خالفه المنصور بن أبي الفتوح
بصنعاء وبنو شهاب وبنو حريم وغيرهم ، ونهبوا داره ، وخرجت الشيعة من صنعاء بعد
أن نهبت دورهم ، فجمع الإمام عسكرهم ، فقاتلوه فهزموه ، وقتل من عسكره خلق
كثير ، وأعاد الناس أبا جعفر قيس بن الضحاك إلى إمارة صنعاء ، فأقام بها إلى المحرم
سنة أربع وأربعمائة ، فبلغه ما جمع الإمام من العساكر ، فخرج من صنعاء محتقرا
مهزوما ، وكانت القبائل المخالفة على الإمام تجتمع إليه فاضطربوا ، ثم قويت قلوبهم
وساروا إلى الإمام فقاتلوه فهزموه ، فبقي في مائة فارس ، فعلمت به همدان فلقوه

الصفحة 75