كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 76 """"""
وقاتلوه فغشيهم بنفسه مرارا في كلها . يخرق صفوفهم . ثم قتلوه ، وذلك في صفر سنة
أربع وأربعمائة ، وقتل وهو لم يبلغ الثلاثين سنة .
ولما قتل سار ابن أبي حاشد إلى صنعاء فأقام بها إلى ذي الحجة من السنة ولم
يتم له أمر مع همدان ، فخرج منها ، وتعطلت من السلطنة إلى النصف من شوال سنة
خمس وأربعمائة ، ووصلها أبو جعفر أحمد بن قيس بن محمد بن الضحاك الهمداني
فأقام بها إلى ربيع سنة ست وأربعمائة وخرج منها ، ورفع أيدي عماله ، فتعطلت أيضا
إلى سنة ثمان وأربعمائة ، وراجعت همدان أبا جعفر في الرجوع إلى الإمام ، فأجابهم .
وفي سنة عشر وأربعمائة ثار يزيد بن القاسم الزيدي مع قوم من بني شهاب بن
مروان ، فقتلوه بأشيح ، فسار إليهم ابن أبي الفتوح ، وأمده القائد مرجان صاحب
الكدراء ، وعاضده ابن أبي حاشد ، ثم نزل ابن أبي الفتوح إلى تهامة ، فتلقاه القائد
بالكدراء بأحسن لقاء ، وعاد فأقام بألهان ، حتى خرج زيد من أشيح وسلمه للقائد ،
وتحالفت همدان والأبناء على بني شهاب بأمر القائد ، فحاربوهم مرارا ، ثم
اصطلحوا ، ووصل جعفر بن القاسم أخو الحسين من صعدة إلى محلة عيان ،
فاستدعته همدان وحمير ، فسار إلى صنعاء ، فدخلها آخر سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ،
فأقام بها إلى المحرم ، وسار إلى صعدة بطائفة من الناس ، فنهبها ، وخرب دورا ،
وقتل ناسا ، وقد كان ذعفان وابن أبي حاشد خالفا عليه عند مسيره إلى صنعاء ، فلما
رجع جعفر إلى عيان سألته همدان العود إلى صنعاء فكرهه ، ثم وقع الخلف بين
همدان وذعفان وابن أبي حاشد ، فاستدعوا جعفر بن القاسم ، فأدخلوه صنعاء في صفر
سنة خمس عشرة ، وطالب الناس مطالبة شديدة ، وأقام بها مدة يحارب ذعفان وابن
أبي الفتوح ثم اصطلحوا ونزل ذعفان إلى القائد في الكدراء فأحسن القائد تلقيه ،
وأمده بأموال جليلة ، وكتب معه إلى المنتاب صاحب مسور ، وأمرهم جميعا بحرب
جعفر ، فاجتمعوا عليه ، فخرج إلى بيت شعيب ، فحصرته همدان وحمير ، وأعادوا ابن
أبي حاشد إلى إمارة صنعاء ، وهجم أهل بيت خولان على محطة حمير ، وقتلوا منهم
مائة رجل ، وانهزم عسكر المنتاب ، وذلك في المحرم سنة ست عشرة وأربعمائة ، ثم
تهادنوا إلى آخر السنة .
ولما كان في ثمان عشرة وأربعمائة ظهر إنسان بناعط ، ولم يعرف الناس اسمه ،
وذكر أنه يتسمى عند ظهور رايته من المشرق ، وسار إلى مأرب وبها المؤمن بن
أسعد بن أبي الفتوح ، وتلقاه أحسن لقاء ، وأقام عنده وسطر كتبه من عبد الله الإمام
المعيد لدين الله الداعي إلى طاعة الله الدافع لأعداء الله ، وأنفذها إلى النواحي ، فبلغ