كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 80 """"""
نجاح : سعيد الأحول وجياش وغيرهما ، فلحقوا بأرض الحبشة ، وشاع على ألسنة
المنجمين وأهل الملاحم أن سعيدا الأحول قاتل علي بن محمد الصليحي ، وبلغ ذلك
الصليحي فاستشعره ، وبلغ سعيدا فترقت إليه همته ، وتهيأ لأسبابه ، فلما بلغه مسير
الصليحي إلى الحجاز خرج من أرض الحبشة ، فعارضه في خمسة آلاف حربة كان قد
انتقاها حين خرج من ساحل المهجم ، وهجم على الصليحي في نصف النهار ،
والناس مقيلون في خيامهم غير مستعدين لحرب ، فدخل عليه خيمته في أهل بيته ،
وعنده دواب النوبة ، وهو يريد الركوب ، فقتلوه ، وقتلوا أخاه عبد الله ، وتفرقوا في
المحطة ، فقتلوا من وجدوا ، واستولى سعيد الأحول على خزائن الصليحي وأمواله ،
وكان قد استصحب منها أموالا جليلة ، وجمع آل الصليحي خاصة فقتلهم رميا
بالحراب ، وأخذ أسماء بنت شهاب ، فأركبها هودجا ، وجعل رأس الصليحي ورأس
أخيه أمام هودجها حتى دخل زبيد ، وتركها في دار والرأسان منصوبان قبالة طاق الدار
التي هي فيها ، وفي ذلك يقول شاعرهم العثماني من قصيدة :
بكرت مظلته عليه فلم ترح
إلا على الملك الأجل سعيدها
ما كان أقبح وجهه في ظلها
ما كان أحسن رأسه في عودها
سود الأراقم قابلت أسد الشرى
يا رحمتا لأسودها من سودها
فأقامت تحت الأسر سنة ، ثم تلطفت في الكتابة إلى ابنها المكرم تقول : إنها قد
حملت من الأحول ، ولم يكن رآها قط وإنما أرادت أن تستنفر حفائظ العرب ، فلما
وصل الكتاب إلى ابنها جمع رؤوس القبائل ، وقرأه عليهم ، فثارت حفائظهم ، وخرج
من صنعاء في ثلاثة آلاف فارس غير الراجل ، فخطبهم في الطريق ، وقال : " إنما
تقدمون على الموت ، فمن أراد أن يرجع فمن مكانه " فيقال : إنه رجع بعضهم وسار
في الباقين ، وبلغ الأحول ، فجمع جموعه في عشرين ألف حربة ، فطحنتهم خيل
العرب ، وقتل أكثرهم ، فركب الأحول في خواصه وأهل بيته خيولا مضمرة كان أعدها
للهرب ، وهرب إلى الساحل ، وقد أعدت له هناك سفن فركبها ، وتوجه نحو دهلك ،
ودخلت العرب زبيد ، فكان أول فارس وقف تحت طاق أسماء ولدها المكرم ، فسلم
عليها ، فلم تعرفه ، وقالت : من أنت ؟ فقال : أحمد بن علي ، فقالت : أحمد بن علي
في العرب كثير ، وأمرته أن يرفع المغفر ، فرفعه ، فقالت : مرحبا بمولانا المكرم ،
فأصابته ريح ارتعش لها ، واختلج وجهه ، فكان كذلك سنين كثيرة حتى مات ، وأعاد
المكرم خاله أسعد بن شهاب إلى ولاية زبيد والأعمال التهامية ، ورجع بأمه إلى صنعاء
فأقامت مدة وماتت .

الصفحة 80