كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 81 """"""
ثم جمعت الحبشة لأسعد بن شهاب ، فأخرجوه من زبيد ، وعادت إلى ملكهم
على ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخبارهم .
قال : ثم إن المكرم بن الصليحي فوض الأمور إلى زوجته الحرة ، واسمها سيدة
ابنة أحمد بن جعفر الصليحي ، وكان الصليحي يكرمها قبل مقتله ، ويقولون لزوجته
أسماء : هي والله كافلة ذرارينا ، القائمة بهذا الأمر لمن بقي منا ، فلما ماتت أسماء
فوض المكرم الملك والأمر لزوجته الحرة ، وخلا للشراب واللذات ، فارتحلت من
صنعاء حتى بنت دارها بذي جبلة ، وتعرف بدار العز ، ونقلته إليها ، فاستخلف على
صنعاء عمران بن الفضل اليامي ، حتى مات في سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، فأسند
الأمر إلى ابن عمه .
السلطان سبأ بن أحمد بن المظفر الصليحي
وكان دميم الخلق لا يكاد يظهر من السرج بطائل ، وكان جوادا شاعرا قائما
بأحوال الملك ، وإياه عنى ابن القم بقوله :
ولما مدحت الهبرزي ابن أحمد
أجاز وكافاني على المدح بالمدح
وعوضني شعرا بشعري وزادني
عطاء فهذا رأس مالي وذا ربحي
شققت إليه الناس حتى رأيته
فكنت كمن شق الظلام إلى الصبح
وكان مستقر ملكه حصن أشيح وما إليه من الجبال المطلة على زبيد ، وكانت
الحرب بينه وبين أهل نجاح سجالا ، فبيتوه في بعض الليالي ، وكبسوا عسكره ، فقتلوا
أكثرهم ، ونجا سبأ على قدميه عامة ليلته حتى وجد من حمله على فرس في آخر
الليل ، فلم تعد العرب بعد ذلك إلى تهامة .
وخطب سبأ الحرة السيدة ، فلم تجبه ، وأنكرت ذلك غاية الإنكار ، فتحاربا
مدة ، فقيل له : ما تجيب إلا بأمر المستنصر خليفة مصر ، فأرسل في ذلك إلى
المستنصر رسولين ، فعادا ومعهما خادم من أكابر خدام المستنصر بألفاظ حسنة ، فردت
بأحسن منها ، وقال لها : أمير المؤمنين يقول لك : ) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى
الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ( [ الأحزاب : 36 ] قالت : وما ذاك ؟ قال :
" قد زوجك أمير المؤمنين من الداعي الأوحد المظفر عمدة الخلافة ، أمير الأمراء أبي

الصفحة 81