كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 82 """"""
حمير سبأ بن أحمد بن المظفر الصليحي على ما حضر من المال ، وهو مائة ألف
دينار عينا ، وخمسون ألفا من التحف والألطاف والطيب والكساء " ، فقالت : أما كتاب
مولانا صلوات الله عليه ، وأمره فأقول فيه : ) إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان
وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ( [ النمل : 29 ، 30 ] ولا أقول في أمر مولانا ) قالت
يا أيها الملؤا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ( [ النمل : 32 ] وأجابت
إلى العقد ، فأقبل سبأ في جموع عظيمة إلى ذي جبلة ، فتلقتهم من الضيافات والعطايا
الواسعة للناس ، والنفقات على العساكر بما بهر سبأ ، وصغر قدر نفسه عنده ، وأقام
هو ومن معه على ذلك شهرا ، ثم استأذنها في الدخول عليها ، فأذنت له ، فقيل : إنه
اجتمع بها ساعة واحدة ، وقيل بعثت إليه بجارية تشبهها ، وأصبح سائرا ، فلم يجتمعا
بعد ذلك ، ومات سبأ ، فأقامت الحرة للذب عن ملكها ، والقيام بأمرها .
المفضل بن أبي البركات بن الوليد الحميري
وهو تربيتها ، فعظم شأنه وعلت كلمته ، وغزا تهامة مرارا ، وكان إليه ولاية
التعكر وبه ذخائر بني الصليحي وأموالهم ، وكان يتولاه من قبله رجل من الفقهاء
فطلع إليه جماعة من الفقهاء السنية من المخلاف ، فحسنوا له الخلاف ، فخالف على
المفضل ، واستولى على الحصن وما فيه من الذخائر ، فجاء المفضل ، وحصره أشد
حصار ، فقال بعض الفقهاء : والله لا بت حتى أقتل المفضل ، فعمد إلى حظايا
المفضل اللواتي يميل إليهن ، فألبسهن فاخر الحلي والحلل ، وأطلعهن أسطح
القصور ، فضربن بالدفوف والمعازف بحيث يراهن المفضل وجميع عسكره ، وكان
المفضل أشد الناس غيرة ، فمات من ليلته كمدا وقيل : امتص خاتما فأصبح ميتا
والخاتم في فمه ، فعند ذلك طلعت الحرة من ذي جبلة ، فخيمت بالربادي ، وكاتبت
الفقهاء ولاطفتهم ، وكتبت لهم خطها بما اقترحوه من أمان وأموال ، وتسلمت
الحصن فولته أحد مواليها .
وقدم على أثر ذلك علي بن أحمد المعروف بابن نجيب الدولة رسولا من قبل
الخليفة بمصر إلى الحرة ، وكان عاقلا حسن التدبير فقام بأمر الحرة ، وغزا أهل
الأطراف ، فاستقر أمره ، واشتدت شوكته ، واستخدم أربعمائة فارس من همدان
وغيرهم من عرب اليمن ، فقوي بهم ، وغزا ملوك زبيد ، ولم تزل أموره مستقيمة حتى
بلغ الحرة عنه أنه قال : إنها قد خرفت ولا تصلح لتدبير الملك ، فتنكرت له ، وأغرت
به ملوك اليمن ، وكانوا تحت طاعتها كعمران اليامي ، وعمر الجنبي ، وكل منهما

الصفحة 82