كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 83 """"""
يسير في ألف فارس ، فحصروه حتى جهد ، فلما اشتد به الحصار فرقت الحرة عشرة
آلاف دينار مصرية ، وأشاعت في الناس أنها من ابن نجيب الدولة ، فطلبت العساكر
من ملوكها الأموال والأرزاق ، فغالطوهم فارتحلوا ، وتفرق الناس ، فقيل لابن نجيب
الدولة : هذا من تدبير التي قلت إنها قد خرفت ، فركب إليها إلى ذي جبلة ، فاعتذر
إليها .
ثم قدم رسول من الديار المصرية ، فلم يحتفل به ابن نجيب الدولة ، فشق عليه
ذلك ، والتحق به أعداء ابن نجيب الدولة ، فقال لهم : اكتبوا على يدي كتابا " أنه
دعاكم إلى البيعة لنزار ، واضربوا سكة نزار ، وأنا أوصلها إلى الخليفة الآمر بأحكام
الله " ففعلوا ذلك وفعل ، فبعث الآمر أميرا ، فقبض عليه ، وسيره إلى مصر ، فأرسلت
الحرة إلى مصر رسولا ، فشفع فيه ، فلما توسطوا البحر غرقهم الموكلون بهم بمواطأة
ذلك الأمير ، وانتقلت الدعوة إلى آل زريع .
ذكر أخبار ملوك الدولة الزريعية
قال : ولما جهز ابن نجيب الدولة إلى الديار المصرية انتقلت الدعوة إلى الداعي
سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس بن المكرم بن يام بن أصبى ، من حاشد من
همدان ، وهو من بيت شرف ورئاسة ، وكان لجده العباس سابقة محمودة ، وبلاء حسن
مع الصليحي في القيام بالدعوة ، ومع المكرم في نزول زبيد .
ولما تغلب بنو معن على عدن وافتتحها المكرم ، ونفى بني معن ، ولاها العباس
ومسعود ابني المكرم ، فكانا كذلك إلى أن سارا مع المفضل بن أبي البركات إلى زبيد
لقتال الحبشة ، فقتلا على باب زبيد ، فانتقل الأمر بعدن إلى أبي السعود بن زريع ،
وأبي الغارات بن مسعود حتى ماتا ، فولى الأمر بعدهما الداعي سبأ بن أبي السعود ، ومحمد بن أبي الغارات ، فلما مات محمد ولي ما كان إليه من الأمر أخوه علي بن أبي الغارات ، وبيد الداعي سبأ مع عدن تبالة ، وله في الجبال حصن الدملوة ،
والسانة ، ومطر ، وغيدان ، وذبحان وبعض المعافر وبعض الجند ، ثم وقع بينه وبين
ابن عمه خلاف وقتال أجلت الحرب عن هزيمة أبي الغارات واستقلال الداعي سبأ
بالأمر بمفرده ، وصفت له البلاد ، ودخل عدن ، وأقام بها سبعة أشهر ، ومات في سنة
ثلاث وثلاثين وخمسمائة ، فولى الأمر بعده ولده علي الأعز ، ووصل القاضي الرشيد
أحمد بن الزبير من مصر بتقليده الدعوة ، فوافاه قد مات في سنة أربع وثلاثين ، فقلدها
أخاه .

الصفحة 83