كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 84 """"""
محمد بن سبأ ، ولقبه المعظم المتوج المكين
وكان الداعي محمد هذا ممدحا يقصده الشعراء ، فيجزل لهم العطاء ، وكان
جوادا كريما ، وتوسع في الملك ، وغلب على أكثر البلاد ، وتوفيت الحرة السيدة بذي
جبلة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ، وانتقل ما كان بيدها من الحصون والذخائر إلى
المنصور بن المفضل ، فابتاع الداعي محمد بن سبأ هذا منه الحصون والبلاد في سنة
ست وأربعين وخمسمائة ، مثل مدينة جبلة والتعكر وحب وغيرها من حصون
المخلاف وسواه ، وطلع الداعي المخلاف ، فسكن بذي جبلة ، وكانت وفاته في سنة
ستين وخمسمائة ، ولم يزل الأمر في ذراريهم إلى أن نفاهم سيف الإسلام بن أيوب .
وأما صنعاء فملكها بعد الداعي سبأ بن أحمد الصليحي رجل من همدان يعرف
بحاتم بن الغشم ، وكان ناهضا كافيا ، وكان له ولد اسمه محمد لم يشاركه أحد في
شجاعته وجوده ، إلا أنه كانت فيه لوثة واختلاط عقل ، فكان إذا تزوج امرأة وأحبها
قتلها ، فتحاماه الناس فلم يزوجه أحد بعد ذلك ، فخطب إلى بني الصليحي أهل
قيضان ، فأبوا أن يزوجوه ، فألح عليهم فقالوا : " إذا ضمن أبوك زوجناك " ، فلم يزل
بأبيه حتى ضمن ، وقال له أبوه : " إن قتلتها قتلتك " فقتلها بعد مدة ، ولحق بحصن
براش صنعاء ، فلم يزل أبوه يخادعه ويلاطفه ، حتى التقيا تحت المدرج ، فوثب عليه
أبوه فقتله ، وقطع برأسه ودخل به صنعاء على رمح ، وكانت لمحمد بنية في بيت
جدها ، وقد سمعت أن جدها خرج ليأتي بأمها ، فلم يفاجأها إلا رأس أبيها على
الرمح ، فماتت فجأة ، ثم مات حاتم بن الغشم ، فانتقل ملك صنعاء ومخاليفها إلى :
السلطان حاتم بن أحمد بن عمران اليامي
وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ، وكانت له حروب مع الإمام أحمد بن
سليمان ، ومات حاتم بن أحمد في سنة ست وخمسين وخمسمائة ، فولى بعده ابنه
حميد الدولة علي بن حاتم ، فخالفت عليه همدان ، وقتلوا أخاه عمران ، ثم استقاموا
له ، وقويت شوكته ونزل اليمن الأسفل لقتال بني مهدي ، فأوقع بهم في الجبال ، فقتل
منهم مقتلة عظيمة ، وذلك في ربيع سنة تسع وستين وخمسمائة .
ذكر أخبار سعيد الأحول ، واستيلائه على زبيد ثانيا
ومن ملك بعده من آل نجاح
قد ذكرنا أن المكرم هزم سعيدا الأحول ، وقتل رجاله واستولى على زبيد ، وأعاد
إليها خاله أسعد بن شهاب في سنة ستين وأربعمائة ، فلما رجع المكرم بأمه إلى صنعاء

الصفحة 84