كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 90 """"""
ونصرتكم ، فوثب عبيد فاتك بن محمد بن فاتك بن جياش بن نجاح مولى مرجان ،
ومرجان مولى أبي عبد الله الحسين بن سلامة ، والحسين بن سلامة مولى رشد الزمام ،
ورشد مولى زياد بن إبراهيم بن أبي الجيش إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن
زياد - فقتلوه في شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ، ثم عجز الشريف عن نصرهم
على ابن مهدي ، ثم كانت بينهم وبين ابن مهدي حروب ، وهم يتحصنون بالمدينة إلى
أن فتحها في يوم الجمعة رابع عشر شهر رجب سنة أربع وخمسين ، وأقام بها علي بن
مهدي بقية شهر رجب وشعبان ورمضان ، ومات في شوال من السنة ، فكانت مدة
ملكه أحد وثمانين يوما .
ثم انتقل ( الملك ) بعده إلى ولده " المهدي " ثم إلى ولده " عبد النبي " ، ثم إلى
ولده " عبد الله " ، ثم عاد الأمر إلى عبد النبي والأمر في اليمن بأسره إليه ما عدا عدن ،
فإن أهلها هادنوه عليها بمال في كل سنة ، واجتمع لعبد النبي هذا ملك الجبال
والتهايم ، وانتقل إليه ملك جميع ملوك اليمن وذخائرها ، يقال : إنه حصل في خزائن
ابن مهدي ملك خمس وعشرين دولة من دول أهل اليمن .
قال : " وكان ابن مهدي يتمذهب بمذهب أبي حنيفة في الفروع ، ثم أضاف إلى
عقيدته التكفير بالمعاصي ، والقتل بها وقتل من خالف اعتقاده من أهل القبلة ،
واستباحة الوطء لنسائهم ، واسترقاق ذراريهم ، وكان اعتقاد أصحابه فيه أن الواحد من
آل مهدي إذا قتل جماعة من عسكره ثم قدروا عليه لم يقتلوه دينا وعقيدة ، وإذا
غضب ابن مهدي على رجل من أكابرهم وأعيانهم حبس المغضوب عليه نفسه في
الشمس ، ولم يطعم ولم يشرب ولم يصل إليه ولد ولا زوجة ، ولا يقدر أحد أن
يشفع فيه حتى يرضى عنه ابتداء من نفسه ، ومن طاعتهم له أن كل واحد يحمل ما
تغزله زوجته وبناته إلى بيت المال ، ويكون ابن مهدي هو الذي يكسوهم هم وأهاليهم
من عنده ، وليس لأحد من العسكرية فرس يملكه ولا يرتبطه ، ولا عدة من سلاح ولا
غيرها ، بل الخيل في إسطبلاته ، والسلاح في خزائنه ، فإذا عنّ له أمر دفع من الخيل
والسلاح ما يحتاجون إليه ، ومن سيرته قتل من انهزم من عسكره ولا سبيل إلى
حياته ، وقتل من شرب المسكر ، ومن سمع الغناء ، ومن زنى ، وقتل من تأخر عن
صلاة الجماعة ، أو عن مجلس وعظه في يومي الخميس والاثنين ، وقتل من تأخر
فيهما عن زيارة قبر أبيه ، هذه رسومه في العسكرية .

الصفحة 90