كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)

"""""" صفحة رقم 92 """"""
في سنة تسع وستين وخمسمائة ، توجه إلى مكة شرفها الله تعالى ، ومنها إلى
مدينة زبيد ، فلما شاهده أهلها انهزموا عن الأسوار إلى المدينة ، فلما انتهى العسكر
إلى السور وجده خاليا ، فنصب عليه السلاليم ، وصعدوا عليها إلى السور ، فنال البلد
عنوة ، وذلك في يوم الاثنين التاسع من شوال من السنة ، وأسر عبد النبي بن علي
مهدي ، فسلمه الملك المعظم إلى الأمير سيف الدولة مبارك بن كامل بن منقذ ، وأمره
أن يستخرج منه الأموال ، فاستخرج منه شيئا كثيرا ، وأظهر دفائن كانت له ، ودلتهم
الحرة على ودائع لها كثيرة . ومات عبد النبي في أسره ، وقيل شنقه ، وخطب من بعده
لأخيه السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف .
ثم سار من زبيد إلى ثغر عدن ، وصاحبها يومئذ بلال بن جرير المحمدي . نائب
آل زريع بها ، فخرج إليه وقاتله ، فانهزم هو ومن معه ، فسبقهم عسكر المعظم إلى
الثغر ، فدخلوه ، وأسر صاحبه ، وقصد العسكر نهب البلد ، فمنعهم الملك المعظم ،
وقال : " ما جئنا لنخرب البلاد ، وإنما جئنا لنملكها ونعمرها " .
ثم توجه من عدن إلى صنعاء في أول المحرم سنة سبعين وخمسمائة ، فملكها ،
وبنى بها المباني ، ثم ملك الحصون والمعاقل منها : قلعة تعز ، وهي الدملوة ، ورتب
النواب في بلاد اليمن : فرتب في زبيد سيف الدولة مبارك بن كامل بن منقذ ، وبثغر
عدن عز الدين عثمان الزنجيلي ، وفي تعز ياقوت التعزي وفي ذي جبلة مظفر الدين
قايماز ، ورتب في كل حصن نائبا ، ولم يعجب الملك المعظم المقام باليمن ، ففارقها
وعاد إلى أخيه السلطان الملك الناصر إسماعيل إلى دمشق بعد أن ملكها الملك
الناصر ، وكان وصوله في سنة إحدى وسبعين .
قال : ثم ادعى كل من النواب الملك لنفسه ، وضرب سكة باسمه ، وكان كل
واحد لا يتعامل بسكة الآخر ، فأما سيف الدولة مبارك بن كامل بن منقذ فإنه مرض ،
وكره المقام باليمن ، فعاد إلى الملك الناصر ، واستناب أخاه خطاب بن منقذ بزبيد ،
وأما مظفر الدين قايماز فإنه ضعف أمره ولم ينقذ بلده .
ولما علم الملك الناصر بفساد الحال ، وما وقع باليمن ، أرسل الأمير المقدم
فارس الدين خطلبا في البحر إلى فخر الدين عثمان الزنجيلي بعدن ، فلما وصل إليه
قابله بالإجلال والتعظيم ، واتفقا على المسير إلى خطاب بن منقذ ، وسارا فلقيهما
ياقوت التعزي وقايماز ، فاصطلحوا وساروا جميعا إلى خطاب ، فلما سمع بذلك
خطاب ارتفع إلى حصن قوارير ، وأخلى زبيد ، ودخل خطلبا زبيد ، وملكها في سنة
أربع وسبعين وخمسمائة ، وكان خطاب يغير في بعض الأوقات على أطراف زبيد ، ثم

الصفحة 92