كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 93 """"""
مرض خطلبا وأشرف على الموت ، فراسل خطابا سرا ، وقال له : أنت أولى بالأمر من
عثمان الزنجيلي ، فدخل خطاب زبيد مختفيا ، وبلغ ذلك عثمان ، فسار بجيشه إلى
زبيد فخذل ، ومات خطلبا ، واستمر خطاب بزبيد إلى سنة تسع وسبعين وخمسمائة .
ولما اتصل ذلك بالملك الناصر بعث أخاه الملك العزيز أبا الفوارس سيف
الإسلام طغتكين بن أيوب ، ومعه ألف فارس وخمسمائة جبلي ، فتوجه في سنة
تسع وسبعين وخمسمائة ، ودخل مكة معتمرا في شهر رمضان ، وبها صاحبها الشريف
فليتة بن مطاعن الهاشمي ، فتلقاه الشريف ، وخلع عليه الملك العزيز خلعة سنية قيمتها
ألف دينار ، وتوجه إلى اليمن قبل الحج ، فوصل إلى زبيد في أواخر سنة تسع وسبعين
وخمسمائة ، فتلقاه خطاب ، فخلع عليه الملك العزيز وعلى عسكره ، ودخلا جميعا
زبيد ، فأقام معه أياما ، واستأذنه خطاب في المسير إلى الشام ، فأذن له ، فأخرج جميع
أثقاله وأمواله إلى ظاهر زبيد ، فعند ذلك أمر سيف الإسلام بالقبض على خطاب ،
والاحتياط على أثقاله ، وخنق بعد ليال بحصن تعز ، وأما ياقوت ، فسلم إليه حصن
تعز ومعشاره ، وأما مظفر الدين قايماز فتغلب على جبلة ومخاليفها ، وأرسل إليه من
أخذه ، وأما عثمان الزنجيلي فعمر سفنا عظيمة وشحن فيها جميع ما يملكه من
الصامت والناطق ، وتوجه إلى العراق .
وملك سيف الإسلام اليمن كله وعره وسهله ، ودخل أماكن ما دخلها أحد قبله
بالسيف ، وجرت بينه وبين الإمام عبد الله بن حمزة عدة وقائع على صنعاء ، وأقام
خمس سنين وصنعاء ليست في ملكه .
وفي سنة خمس وثمانين استولى على حصن كوكبان ودان له ملك اليمن
بكماله ، وأزال ملك بني حاتم من صنعاء ، وسور زبيد سورا جديدا ، وسوّر صنعاء
بعد أن أخرب سورها ، ورمى النفط في دورها ، واستمر في الملك إلى أن مات
بالمنصورة بين الجند وجبلة في شوال سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة ، وكان حسن
السيرة ، إذا تعرض له أحد وهو في موكبه وقف له ، ولا ينصرف من مكانه حتى
يكشف ظلامته ، وكانت مدة ملكه أربع عشرة سنة ، وكان قبل وفاته قد سلطن مملوكه
" همام الدين أبو زبا " وأرسله إلى البلاد العليا ، ولما مات ملك بعده ولده .