كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 33)
"""""" صفحة رقم 96 """"""
كان من خبر ملكه اليمن أنه لما اتصل خبر اليمن بالسلطان الملك الكامل
ناصر الدين محمد ، وكان ينوب عن والده السلطان الملك العادل بالديار المصرية ،
جهز ابنه الملك المسعود المذكور إلى اليمن في سنة إحدى عشرة وستمائة ، فرحل من
بركة الجب ظاهر القاهرة في يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان ، ومعه ألف فارس ،
ومن الجاندارية والرماة خمسمائة ، فتوجه إلى مكة شرفها الله تعالى ، وحج ، ثم توجه
إلى اليمن ، فكان دخوله إلى زبيد في مستهل المحرم سنة اثنتي عشرة وستمائة ،
فملكها من غير قتال ، وندب قطعة من العسكر لحصار تعز ، وكان سليمان قد تحصن
بها ، ففتح الحصن في ثالث صفر من السنة ، وقبض على سليمان واعتقله ، ثم جهزه
إلى الديار المصرية هو وزوجته ، وتزوج الملك المسعود بنت جوزا وشغف بها ،
وكانت صنعاء في يد الإمام المنصور ، فخرج منها في شهر ربيع ، ودخلها الأتابك
فليت بطائفة من العسكر المسعودي في مستهل جمادى الأولى ، ونزل الإمام بموضع
يسمى الليطة ، وقامت الفتنة بينهما ، وكانت بينهم وبين عز الدين محمد - ولد الإمام -
وقائع كثيرة .
ثم مات الإمام بكوكبان في المحرم سنة أربع عشرة وستمائة ، فدفن ثم نقل إلى
مشهده بظفار ، وتوفي الأتابك فليت بعده بصنعاء في شهر ربيع الأول من السنة .
ثم وقع الصلح بين الملك مسعود وبين عز الدين بن الإمام على تسليم كوكبان ،
فسلمه ، ولحق عز الدين ببلاده ، وتسلم الملك مسعود حصن براش صنعاء في جمادى
الآخرة ، وعاد إلى اليمن في شهر رجب ، وعاد إلى صنعاء في شهر ربيع الأول سنة
خمس عشرة ، وعاد إلى اليمن في شهر ربيع الآخر ، ثم عاد إلى صنعاء مرة ثالثة في
شهر رمضان من السنة ، وعاد عنها ، ورجع إليها مرة رابعة في شهر رجب سنة سبع
عشرة ، فحط على حصن بكر ، وهو بيد عماد الدين يحيى بن حمزة ، وبه من أولاد
الإمام وأمهات أولاده طائفة ، فأقام عليه تسعة أشهر ، وأنفق أموالا جليلة ، فجمع
عز الدين جموعا كثيرة ، وقصد تهامة ، فخالف عليه علم الدين سليمان بن موسى
الحمزوي ، ووصل إلى محطة بكر ، فتلقاه الملك المسعود وأكرمه ، وأعطاه العطايا
الجليلة ، وجهز معه جيشا لحرب عز الدين ، فكانت بينهما حروب عظيمة ، وتسلم
الملك المسعود حصن بكر في شهر ربيع الأول سنة ثماني عشرة وستمائة ، وسار إلى
مكة لقتال الشريف حسن بن قتادة ، فدخلها بالسيف في شهر ربيع الأول سنة تسع
عشرة ، وعاد إلى اليمن ، ثم فارق تعز في شهر رمضان سنة عشرين وستمائة ، وتوجه
إلى الديار المصرية لخدمة والده السلطان الملك الكامل ، واستناب باليمن الأمير