كتاب صحيح البخاري - البغا (اسم الجزء: 3)

3694 - قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير
: أن رسول اله صلى الله عليه و سلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشأم فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبا بكر ثياب بياض وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم صامتا فطفق من جاء من الأنصار - ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه و سلم - يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه و سلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه و سلم عند ذلك فلبث رسول الله صلى الله عليه و سلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين بركت به راحلته ( هذا إن شاء الله المنزل ) . ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا لا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجدا وطفق رسول الله صلى الله عليه و سلم ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن ( هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر . ويقول اللهم إن الأجر أجر الآخره فارحم الأنصار والمهاجره ) . فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي
قال ابن شهاب ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت
[ ر 464 ]
[ ش ( أطم ) حصن وقيل بناء من حجر كالقصر . ( مبيضين ) عليهم ثياب بيض . ( تزول بهم السراب ) هو ما يرى في شدة الحر من بعد كأنه ماء والمعنى يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له أو يظهرون فيه تارة ويخفون أخرى . ( جدكم ) حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعون مجيئه . ( الذي أسس على التقوى ) بني من أجل عبادة الله عز و جل الخالصة وهو مسجد قباء . ( عند مسجد رسول الله ) أي في المكان الذي بني عليه فيما بعد مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم . ( مربدا ) هو الموضع الذي يجفف فيه التمر . ( فساومهما ) طلب منهما أن يبيعاه المربد ويذكرا ثمنا له . ( لا حمال خيبر ) لا ما يحمل من خيبر من التمر ونحوه . ( فتمثل ) ضربه مثلا ]

الصفحة 1421