كتاب تفسير العثيمين: الأنعام

أن الله - تعالى - يضل ويهدي من يشاء لحكمة، ولا بد أن يكون الإضلالُ من جراء فعل العبد.
* * *

* قال الله - عزّ وجل -: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١)} [الأنعام: ٤٠ - ٤١].
قوله: {قُلْ}، أي: يا محمد، وإن شئت فقل: إن الخطاب عامّ لكل من يصح خطابه {أَرَأَيْتَكُمْ} قال العلماء: أرأيت بمعنى أَخْبِرْني وإعرابها كالتالي: الهمزة: للاستفهام، والرؤيا هنا علمية، والتاء فاعل، والكاف للخطاب توكيداً، وليس لها محل من الإعراب، والميم علامة الجمع، وقوله: {أَرَأَيْتَ} تحتاج إلى مفعول أول ومفعول ثانٍ؛ لأن الرؤية هنا علمية، و (رأى) العلمية تنصب مفعولين والمفعول الأول هنا محذوف ويقدر بما يناسب المقام، والذي يناسب المقام هنا حالكم عند الشدة، والجملة الاسمية {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} في محل نصب المفعول الثاني، يعني: أخبروني إذا وقعتم في شدة أتدعون غير الله؟
الجواب: لا، وهذا تفسير بالمعنى، أما التفسير المطابق للفظ: أعلمتم هذا فأخبروني.
قال تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [لقمان: ٣٢]، أي: إذا وقعوا في الشدة عرفوا الله، والعجب أن المشركين إذا وقعوا في الشدة دعوا الله، وأن بعض الطوائف المبتدعة في هذه الأمة إذا وقعوا في الشدة دعوا غير الله،

الصفحة 213