كتاب تفسير العثيمين: الأنعام

كما قال - عزّ وجل -: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وفي آية أخرى: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} [التوبة: ٣٧].

الفائدة الثانية عشرة: أن الله - تبارك وتعالى - قد يسلط على العبد من هو عدو له، ولا يعد هذا ظلماً من الله - عزّ وجل -، كلا؛ لأن الله قد بيَّن لنا هذا العدو وحذرنا من اتباع خطواته، فلا عذر لنا.

الفائدة الثالثة عشرة: أن الرجل إذا سلط عليه الشيطان صار السيء في نظره حسناً، وصار الحسن سيئاً لقوله: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، ومن المعلوم أنهم يعملون بالمعاصي.

الفائدة الرابعة عشرة: أن الله تعالى عجل لهم بالعقوبة لكن على وجه الاستدراج " لقوله: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}.

الفائدة الخامسة عشرة: أن يحذر الإنسان عقوبة الله - عزّ وجل - إذا منَّ الله عليه بتيسير أمور الدنيا من مأكل ومشرب ونكاح ومركب ومسكنٍ، فلا يغتر بهذا؛ لأنه قد يكون استدراجاً، ولهذَا رُوي "إذا رأيت الله - عزّ وجل - يُعطي العبدَ من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج" (¬١)، وصدقوا، فلا تغتر أيها الإنسان فقد تبتلى بالنعم كما تبتلى بالنقم، وقد تكون البلوى بالنعم أشد من البلوى بالنقم.

الفائدة السادسة عشرة: أن الذي بيده الرخاء والشدة هو الله - عزّ وجل - لقوله: {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء}.
---------------
(¬١) أخرجه الإمام أحمد (١٦٨٦٠)، والبيهقي في شعب الإيمان (٤/ ١٢٨)، رقم (٤٥٤٠)، وحكى المناوي في الفيض (١/ ٣٥٥)، أن العراقي حسنه.

الصفحة 226