كتاب تفسير العثيمين: الأنعام

فإن قال قائل: جاء في الحديث الصحيح: "أن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم" (¬١).
فالجواب، لا إشكال في هذا، يعني: أنه لو وقع تعذيب أهل الأرض والسماوات لكان هذا العذاب مستحقاً عليهم، وهو غير ظالم لهم، وليس المعنى أنه لو عذبهم بدون جرم لم يكن ظالماً؛ لأن تعذيبهم بغير ظلم قد أحاله الله - عزّ وجل -، ومنع منه نفسه فقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (١١٧)} [هود: ١١٧]، وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦]، لكن لو عذبهم لكانوا مستحقين للعذاب وبهذا يزول الإشكال في هذا الحديث.
* * *

* قال الله - عزّ وجل -: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠)} [الأنعام: ٥٠].
قوله: {قُلْ} الخطاب هنا للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وهو أمر من الله إليه وهذا أمر بإبلاغ خاص، وإلا فكل القرآن قد أُمر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن يبلغه، كما قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] لكن تأتي بعض الأحكام مصدرة بـ (قل) إشارة إلى أهميتها؛ كقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١]
---------------
(¬١) رواه أبو داود، كتاب السُّنَّة، باب: في القدر (٤٦٩٩)، وابن ماجه في: المقدمة، باب: في القدر (٧٧).

الصفحة 246