كتاب خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم (اسم الجزء: 3)

سبق ذكره أو أشير إليه من أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان يتزوج لتوثيق المعاونة بمن يحب من أصحابه وإعانة الضعيفات من النساء حتى إنه كان يتحمل عبء من ليس له ولى من قريب أو ذى حسب ولكيلا ترتد بعد إيمان، والارتباط بالمصاهرة بين من تنأى ديارهم وقد يلحون فى العداوة بينهم وبينه صلى الله تعالى عليه وسلم.
نقول هناك أمران غير هذا الذى ذكرناه أو أشرنا إليه.
أحدهما: أن يتولى نساء النبى صلى الله تعالى عليه تعليم نساء المسلمين فى أمور دينهن فما كان النساء بعد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى عهد الصحابة والتابعين يغشين مجالس العلم يتعلمن أمور الدين بل كن يذهبن إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يسألنه فى حياته، ومن بعده كن يسألن أزواجه أمهات المؤمنين، كعائشة وأم سلمة وغيرهما ممن عمرن بعد الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ولعله من فضول القول أن نقول إن كثيرا من الأحكام الخاصة بالمرأة رويت عن أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها وعن أبيها الصديق.
وإن حفصة أم المؤمنين كانت الأمينة على المصحف الذى انتهت كتابته فى عصر أبيها الإمام الفاروق رضى الله تعالى عنه وجزاه عن الإسلام خيرا.
ولعل الأمر الإلهى بألا ينكحن من بعده أبدا كما تلونا من قبل كان لهذا المعنى وليتفرغن لتعليم النساء أحكام الدين وفضائله وآدابه وروحه ومعناه وأخبار النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى أهله وفى ذاته الطاهرة وإنك لترى من ذلك الشئ الكثير فى رواية عائشة رضى الله عنها فقد كان لها ذكاء يندر فى نساء العرب وإنه قد نزكى ما روى من أنه يؤخذ منها نصف الدين وهو النصف الخاص بأحكام النساء.
ثانيها: أن نساء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كن يتخذن قدرة حسنة للنساء فى عفتهن واحتسابهن وآدابهن لأنهن أخذن باداب النبوة والمرأة تتأثر بالمرأة أكثر مما تتأثر بالرجال وتصلح بصلاح صواحبها من النساء وتفسد بفساد صواحبها منهن، فالمرأة تصلح المرأة أو تفسدها. وإنا لنرى ذلك واضحا اليوم وإنه كان كذلك فى الماضى فالإنسان ابن الإنسان.
وإن الله تعالى تعهد نساء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالإرشاد والتأديب لأنهن الأسوة والقدوة قال تعالى: وهو أصدق القائلين: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا. وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً. يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. وَمَنْ

الصفحة 1106