كتاب خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم (اسم الجزء: 2)

يجعل بوقا كبوق يهود الذى يدعون به لصلاتهم، ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس، فنحت ليضرب به للمسلمين» .
ويلاحظ على هذا الكلام أمران:
أولهما: أن ما ذكره من قيام الصلاة وفرضية الزكاة والصوم، وإقامة الحدود وفرض الحلال والحرام إنما كان في أوقات مختلفة من بعد ذلك، وبعضها كان قبل الهجرة، وهو فرض الصلاة، فقد فرضت في الإسراء والمعراج، كما هو مذكور في موضعه، ولعل الذى جد في المدينة المنورة هو قيامها جماعة في أمن واطمئنان، وعبارة ابن إسحاق قد توميء لذلك.
الأمر الثانى: أن كلام ابن إسحاق فيه أن خاطر البوق اليهودى خطر للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكذلك ناقوس النصارى.
ولكن روى ابن ماجه عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم استشار الناس لما يهمهم من الصلاة، فذكروا البوق، فكرهه من أجل اليهود، ثم ذكروا الناقوس، فكرهه من أجل النصارى.
وهذا الخبر يخالف ما قاله ابن إسحاق في روايته من جهتين:
أولاهما: فى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذى هم بالبوق، والرسول في الرواية الثانية قد استشار، وكره عليه الصلاة والسلام ما أشاروا به.
الثانية: أن رواية ابن إسحاق فيها ما يفيد أنه أخذ في تنفيذ فكرة الناقوس، مع أن الرواية الأولى تقول أنه كرهه، ونحن نرى أن هذه الرواية الأخيرة هى الأليق بمقام الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، وهى الأنسب، فهى عندى أصح، والله أعلم.
ويسترسل ابن إسحاق في أمر الأذان، فيقول: «فبينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه «النداء» فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: «إنه طاف بى هذه الليلة طائف: مربى رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا في يده، فقلت له: يا عبد الله أتبيع هذا الناقوس؟ قال: وما تصنع به! قلت ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على خير من ذلك! قلت: وما هو؟ قال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حى على الصلاة، حى على الصلاة، حى على الفلاح، حى على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله» . فلما أخبر بها رسول الله

الصفحة 502