كتاب الحديث والمحدثون

{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} الآيات. وكما حصل ذلك لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ليلة المعراج عند فرض الصلاة عليه وعلى أمته، ومراجعته ربه فيها على ما صرحت به الأحاديث الصحيحة.
ثالثا: إعلام الله للنبي ما يريد أن يبلغه إليه بواسطة الملَك في اليقظة أو المنام، ثم الإعلام بواسطة الملك يقع على وجهين: لأن النبي تارة يشاهد الملك عند الوحي، إما على صورته الحقيقية، وهذا نادر. وإما متمثلا في صورة بشر كما كان جبريل يتمثل للنبي صلى الله عليه وسلم في صورة الصحابي الجليل دحية الكلبي، وتارة لا يرى النبي الملك عند الوحي، وإنما يسمع عند قدومه دويا وصلصلة شديدة، يعلم الله كنهها ومصدرها فيعتريه حالة روحية غير عادية، لا يدرك الحاضرون منها إلا أماراتها الظاهرية، كثقل بدنه وتفصد جبينه عرقا.
روى البخاري في الصحيح عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام، سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي فيفصم عني، وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول". قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا.
وربما سمع الحاضرون عند وجهه الكريم دويا كدوي النحل عند مجيء الوحي. أخرج الترمذي، عن عمر رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل ... الحديث.

الصفحة 13