كتاب الحديث والمحدثون

من أن السنة بأقسامها وحي من الله سبحانه، ثم إن ذلك لا يسلبه صلى الله عليه وسلم شيئا من خصائصه ومزاياه، كما قيل: بل يؤكدها ويقررها.
الحديث القدسي، ومن أي أقسام الوحي هو؟
هناك طائفة من الأحاديث نقلت إلينا آحادا عنه صلى الله عليه وسلم، مع إسنادها إلى الرب عز اسمه تعرف بالأحاديث القدسية، أو الإلهية أو الربانية، فهل هي من كلامه تعالى وقوله، أو هي من كلامه صلى الله عليه وسلم ولفظه؟ وإذا كانت من كلامه تعالى أفيثبت لها خصائص القرآن الكريم أم لا؟ والجواب عن ذلك: أن للعلماء قولين في الأحاديث القدسية:
الأول: أنها من كلام الله تعالى، وليس للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا حكايتها عن ربه عز وجل، وربما يستأنس لذلك بأمور:
1- أن هذه الأحاديث أضيفت إلى الله تعالى، فقيل: فيها قدسية وإلهية وربانية، فلو كان لفظها من عنده صلى الله عليه وسلم لما كان لها فضل اختصاص بالإضافة إليه تعالى دون سائر أحاديثه صلى الله عليه وسلم.
2- وأنها اشتملت على ضمائر التكلم الخاصة به تعالى كقوله: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي"، وكقوله: "أصبح من عبادي مؤمن بي، وكافر بالكواكب".
3- وأن هذه الأحاديث تروى عن الله تعالى متجاوزا بها النبي صلى الله عليه وسلم، فتارة يقول الراوي: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه"، وتارة يقول الراوي: "قال الله تعالى فيما رواه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فلو كان اللفظ من النبي صلى الله عليه وسلم لانتهى بالرواية إليه كما هو الشأن في الأحاديث النبوية.

الصفحة 16