كتاب الحديث والمحدثون

كتبه"، ثم جاء بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب، فأخذ من هذا العلم بنصيب، فجمع القاضي عياض المتوفى سنة "544" كتابا لطيفا سماه "الإلماع"1 وأبو حفص الميانجي جزءا سماه "ما لا يسع المحدث جهله"، وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت. قال: إلى أن جاء الحافظ تقي الدين عمرو بن عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري، نزيل دمشق فجمع في ذلك كتابه المشهور بمقدمة ابن الصلاح، فهذب فنونه وأملاه شيئا بعد شيء على تلاميذه بالمدرسة الأشرفية، عندما ولي تدريس الحديث بها، فلهذا لم يقع ترتيبه على وضع متناسب، إذ كان الأولى به أن يذكر ما يتعلق بالمتن وحده، وما يتعلق بالسند وحده، وما يشتركان معا فيه. وما يختص بكيفية التحمل والأداء وحده، وما يختص بصفات الرواة وحدة، واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة فجمع شتات مقاصدهم، وضم إليها من غيرها مخب فوائدها فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصر". ا. هـ. بتصرف يسير.
هذه نبذة يسيرة توضح لنا، كيف نشأ التأليف في علم أصول الرواية على الوضع الحالي، من ضم أنواع مختلفة بعضها إلى بعض في مصنف واحد، ولننتقل بك إلى الكلام على أشهر تلك الكتب، وأهمها:
أهم كتب أصول الرواية:
أولا: كتاب "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي"، لأبي الحسن بن خلاد الرامهرمزي، المتوفى سنة "360" هجرية. وهو أول مصنف ظهر في فن مصطلح الحديث، وهو وإن لم يستوعب أنواع الفن يعتبر أجمع
__________
1 منه نسخة بدار الكتب الظاهرية بدمشق.

الصفحة 491