كتاب الحديث والمحدثون

أن هؤلاء لهم تقاليد تفرض عليهم الصمت، وتصبغ حركاتهم بالأدب، أما أولئك المستشرقون السفراء فوظيفتهم الأولى، أن يثرثروا في الصحف وفي المجالس، وأن يختلقوا كل يوم مشكلة موهومة، ليسقطوا من بناء الإسلام لبنة، وليذهبوا بجزء من مهابته في النفوس، وبذلك يحققون الغاية الكبرى من الزحف المشترك، الذي تكاتفت فيه الصهيونية، والصليبية في العصر الحديث.
"أن هذا النفر من حملة الأقلام الملوثة، أخطر على مستقبلنا من الأعداء السافرين، فإن النفاق الذي برعوا فيه يخدع الأغرار بالأخذ عنهم، وقد يقولون كلمات من الحق تمهيدا لألف كلمة من الباطل تجيء عقيبها". ا. هـ1.
هذه الأوصاف تنطبق تمام الانطباق على صاحب كتاب ظهر حديثا، يكيد للسنة باسم الدفاع عنها، ويلبس فيه الحق بالباطل، ويشوه الحقائق، ويفتات على التاريخ الصحيح، ويحرف الكلم عن مواضعه في جرأة وعدم مبالاة، كما فعل مع ابن حزم وابن قتيبة، وفخر الدين الرازي وابن كثير وغيرهم، ينقل ما يرد عليه هؤلاء على أنه رأي لهم، والمؤلف في هذا الكتاب يستبيح لنفسه، ولكل باحث على شاكلته، أن يأخذ من السنة ويترك، تبعا لهواه، تحت ستار العلم والمعرفة، والدراسة المحررة، التي تقوم على قواعد التطبيق العلمي. وسنده فيما يزعم "أولا" أن علماء الأمة قاطبة، لم يولوا الحديث النبوي ما يستحق من العناية والدرس، إذ تركوا أمره لمن يسمون "رجال الحديث" يدرسونه علىطريقتهم، التي قامت على معرفة رواة الحديث،
__________
1 عن مقدمة كتابه القيم "ظلام من الغرب".

الصفحة 501