كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

حفظه فماذا يصنع؟ والجواب: أنه إن حفظ من كتابه رجع إليه وإن كان حفظ من سماعه من شيخه اعتمد على حفظه، إن لم يشك، والأحسن أن يجمع بينهما في الرواية، فيقول: حفظي كذا، وفي كتابي كذا كما فعل شعبة بن الحجاج وغيره، وكذلك إذا خالفه غيره من الحفاظ يقول: حفظي كذا، وقال فيه غيري أو فلان كذا، كما فعل الثوري وغيرهم.
وإذا وجد سماعه في كتابه، ولا يذكره ففيه خلاف، فعن أبي حنيفة وبعض الشافعية لا يجوز روايته حتى يتذكر.
ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحبي الإمام الأعظم أبي حنيفة جوازها، وهو الصحيح بشرط أن يكون السماع بخطه أو بخط من يثق به والكتاب مصون بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير، وتسكن إلى ذلك نفسه، فإن شك فيه لم يجز، وكذا إن لم يكن الكتاب بخط ثقة.
"المسألة الرابعة" الرواية بالمعنى:
لا خلاف بين العلماء أن المحافظة على ألفاظ الحديث وحروفه أمر حسن مرغوب فيه, وأن الأولى لكل ناقل المحافظة على اللفظ ما استطاع إلى ذلك سبيلا, بل قد أوجبه قوم من التابعين والتزموه في رواياتهم.
قال وكيع: كان القاسم بن محمد وابن سيرين، ورجاء بن حيوة يعيدون الحديث على حروفه. أي على لفظه، وأما الرواية بالمعنى ففيها خلاف وإليك خلاصة ذلك:
اتفق العلماء قاطبة على أن الراوي إذا لم يكن عالما بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها ولا خبيرا بما يحيل معانيها ولا بصيرا بمقدار

الصفحة 144