كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

3- والأحاديث التي تشتمل على جوامع كلمة -صلى الله عليه وسلم- فإنها لا تجوز روايتها على لفظها.
فائدتان:
الأولى: ما ذكرناه من الخلاف في الرواية بالمعنى إنما هو في غير المؤلفات أما هي فلا يجوز تغيير شيء منها وإبداله بآخر وإن كان بمعناه. قال ابن الصلاح: "ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه, فإن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم فيها في ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرج والنصب, وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب, ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تصنيف غيره".
أقول: وهذا غاية الأمانة في النقل والمحافظة على الأصول التي امتاز بها أئمة هذا العلم النبوي الشريف.
"الثانية" الأولى لمن روى حديثا بالمعنى أن يعقبه بقوله "أو كما قال" أو نحوه، أو شبهه وما في معناه وكذلك إذا رواه أو ذكره بغير المعنى على سبيل الاحتياط فقد كان ابن مسعود وأبو الدرداء وأنس رضي الله عنهم يقولون إذا رووا الحديث "أو نحو هذا" "أو شبهه" "أو قريبا منه" فإذا قالوا ذلك وهم أعلم الناس باللسان، وبمواقع الخطاب فما بالك بنا؟ وكذلك إذا اشتبهت على القارئ لفظة فيحسن بعد قراءتها على الشك أن يقول: "أو كما قال" ونحوها وذلك لما في ذلك من الخروج من العهدة والتخلص من التبعة.
"والنتيجة": التي نخرج منها من هذا البحث أن بعض الرواة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم التزموا الرواية على اللفظ الذي سمعوه.

الصفحة 147