كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

الصحف فوقع عند غير أهله".
ويتصل بهذه المسألة مسألة أخرى وهي ما إذا وقع في روايته لحن أو تحريف، فقد قال ابن سيرين وعبد الله بن سخبرة، وأبو معمر، وأبو عبيد القاسم بن سلام فيما رواه البيهقي عنهما يرويه على الخطأ كما سمعه.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: وهذا غلو في اتباع اللفظ والمنع من الرواية بالمعنى والصواب وقول الأكثرين منهم ابن المبارك، والأوزاعي، والشعبي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعطاء وهمام، والنضر بن شميل يرويه على الصواب لا سيما في اللحن الذي يختلف المعنى به.
واختار شيخ الإسلام وسلطان العلماء، العز بن عبد السلام كما حكاه عنه صاحبه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" أنه يترك روايته إياه عن ذلك الشيخ مطلقا، لأنه إن تبعه فيه فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يلحق، وإن رواه عنه على الصواب، فهو لم يسمعه منه كذلك1 وكذا حكاه ابن كثير لكن أبهم قائله2.
وأما إصلاحه في الكتاب وتغيير ما وقع فيه فجوزه بعضهم أيضا، والصواب تقريره في الأصل على حاله، مع التضبيب عليه، وبيان الصواب في الحاشية كما تقدم، فإن ذلك أجمع للمصلحة، وأنفى للمفسدة، وقد يظهر له وجه صحته، واللغة بحر واسع ولو فتح باب التغيير لجسر عليه من ليس بأهل.
ثم الأولى عند السماع أن يقرأ أولا على الصواب ثم يقول: وقع في روايتنا أو عن شيخنا أو من طريق فلان كذا، وله أن يقرأ ما في
__________
1 التدريب ص318.
2 اختصار علوم الحديث ص145.

الصفحة 151