كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

الأصل أولا, ثم يذكر الصواب، وإنما كان الأول أولى، لئلا يتقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقله.
وأحسن الإصلاح أن يكون بما جاء في رواية أخرى أو حديث آخر فإن ذكره أمن من التقول المذكور.
وإن كان الإصلاح بزيادة الساقط من الأصل فلا بأس بإلحاقة في الأصل من غير تنبيه على سقوطه، بأن يعلم أنه سقط في الكتابة كلفظ: ابن في النسب، وكحرف لا يختلف المعنى به، وقد سأل أبو داود أحمد بن حنبل فقال: وجدت في كتابي: حجاج عن جريج، يجوز لي أن أصلحه ابن جريج؟ قال: أرجو أن يكون هذا لا بأس به.
وقيل لمالك الإمام: أرأيت حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يزاد فيه الواو والألف، والمعنى واحد؟ فقال: "أرجوا أن يكون خفيفا".
وإن غاير الساقط معنى ما وقع في الأصل تأكد الحكم بذكر الأصل مقرونا بالبيان لما سقط، فإن علم أن بعض الرواة له أسقطه وحده وأن من فوقه من الرواة أتى به فله أيضا أن يلحقه في أصل الكتاب مع كلمة "يعني" قبله كما فعل الخطيب إذ روى عن أبي عمر بن مهدي عن المحاملي بسنده إلى عروة عن عمرة عن عائشة قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدني إليّ رأسه فأرجله" قال الخطيب: كان في أصل ابن مهدي عن عمرة قالت "كان ... " فألحقنا فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه بد، وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه، وإنما سقط من كتاب شيخنا، وقلنا له ما فيه، يعني لأن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك، قال: وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا، ثم روى عن وكيع أنه قال: "أنا أستعين في الحديث بيعني".
هذا إذا علم أن شيخه رواه له على الخطأ فأما إن رواه في كتاب

الصفحة 152