كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

نفسه، وغلب على ظنه أنه من كتابه لا من شيخه فيتجه إصلاحه في كتابه، وروايته كما إذا درس من كتابه بعض الإسناد أو المتن فإنه يجوز استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته، وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط، كذا قاله أهل التحقيق وممن فعله نعيم بن حماد، ومنعه بعضهم، وإن كان معروفا محفوظا وبيانه حال الرواية أولى.
وهذا الحكم جار في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب ثقة غيره أو حفظه، كما روي عن أبي عوانة، وأحمد وغيرهما، ويحسن أن يبين مرتبته كما فعل يزيد بن هارون وغيره ففي مسند أحمد: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عاصم بالكوفة فلم أكتبه، فسمعت شعبة يحدث به فعرفته به عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سافر قال: "اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر".
وفي غير المسند: عن يزيد أخبرنا عاصم وثبتني فيه شعبة فعله أبو داود في "سننه" عقب حديث الحكم بن حزن، قال: ثبتني في شيء منه بعض أصحابنا، فإن وجد في كتابه كلمة من غريب العربية غير مضبوطة أشكلت عليه جاز أن يسأل عنها العلماء بها ويرويها على ما يخبرونه به، فعل ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما والله أعلم.
"المسألة الثامنة": "الجمع بين الشيوخ في الرواية عنهم"
إذا كان الحديث عند الراوي عن اثنين أو أكثر من شيوخه واتفقا أو اتفقوا في المعنى دون اللفظ فله أن يجمع بينهما أو بينهم في الإسناد ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما فيقول: أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان, أو وهذا اللفظ لفلان, وله بعد هذا أن يسند القول إلى من له اللفظ أو يسنده إليهم فيقول: قالا أو قالوا: أخبرنا فلان ونحوه

الصفحة 153