كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

عنه بالإسناد المذكور جاز له ذلك عند الأكثرية منهم: وكيع بن الجراح، وابن معين، والإسماعيلي؛ لأن المعطوف له حكم المعطوف عليه، وأيضًا فهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبواب بإسناده المذكور في أوله.
ومن المحدثين من يمنع ذلك منهم الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني1، ورأى ذلك تدليسًا، فعلى هذا الرأي على من يريد أن يروي حديثًا منها بالإسناد الأول أن يبين ذلك كما فعل الإمام مسلم في صحيحه في صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة قال: حدثنا محمد بن رافع "قال" حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى مقعد أحدكم في الجنة أن يقال له: تمن، فيتمنى، ويتمنى فيقول له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: لك ما تمنيت ومثله معه" 2. وقد التزم الإمام مسلم ذلك في هذه النسخة في صحيحه، وهكذا فعل مثل مسلم كثير من المؤلفين.
وأما الإمام البخاري فإنه لم يسلك قاعدة مطردة فتارة يذكر أو حديث في النسخة ويعطف عليه الحديث الذي يساق الإسناد لأجله وذلك كقوله في "كتاب الأيمان والنذور, باب قول الله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} الآية".
حدثني إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" , وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "والله لأن يلجَّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض
__________
1 بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء الممدودة وكسر الياء المثناة من تحت آخره نون، ياء النسبة إلى إسفرايين.
2 كتاب الأيمان -باب معرفة طريق الرؤية وج1 ص167 من متن صحيح مسلم.

الصفحة 157