كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

الله عليه" 1.
وتارة لا يذكر الحديث الأول في النسخة، ويذكر الحديث الذي يريد أن يسوقه بعد السند وذلك مثل ما صنع في "كتاب التعبير, باب الاستراحة في المنام"2 وفي "كتاب الاستئذان, باب تسليم القليل على الكثير"3 وكأن البخاري أراد أن يبين بصنيعه هذا أن كلا من الأمرين جائز.
وما ينبغي أن يعلم أن الإمام السيوطي في "تدريبه" مثل للنوع الأول فقال: "كقوله في "الطهارة"4: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج أنه سمع أبا هريرة أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "نحن الآخرون السابقون"، وقال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" الحديث" 5.
ولا أدري أأعوز السيوطي مثال لما في صحيح البخاري من نسخة همام بن منبه عن أبي هريرة أم أنه لم يكلف نفسه البحث عن ذلك؟ العلم عند الله، والسخاوي وهو ممن يتعقب السيوطي لم يعلق على ذلك بكلمة، ولا استدرك عليه ما فاته.
وقد أشكل على معظم الشراع بيان المناسبة بين حديث: "نحن الآخرون السابقون" , وبين حديث: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" وركبوا في ذلك كل صعب وتكلفوا غاية التكلف ولم يصل إلى الحق في هذا إلا الإمام الحافظ ابن حجر، فقال: "والصواب أن البخاري في الغالب يذكر الشيء كما سمعه لتضمنه موضع الدلالة المطلوبة منه، إن لم
__________
1 صحيح البخاري ج8 ص159، 160.
2 متن صحيح البخاري ج8 ص64.
3 صحيح البخاري ج9 ص49.
4 كتاب الوضوء, باب البول في الماء الدائم.
5 تتمة الحديث: "الذي لا يجري ثم يغتسل فيه".

الصفحة 158