كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

"المسألة الثالثة عشرة": "ذكر مثله أو نحوه بعد الإسناد"
إذا روى المحدث حديثا بإسناد, ثم أتبعه بإسناد آخر وقال في آخره مثله، ولم يذكر المتن فأراد السامع لذلك منه رواية المتن الأول بالإسناد الثاني فقط. فالأظهر المنع منه, وهو قول شعبة، وأجازه سفيان الثوري وابن معين إذا كان الراوي متحفظا ضابطا مميزا بين الألفاظ, ومنعاه إن لم يكن كذلك, وكان جماعة من العلماء إذا روى بعضهم مثل هذا ذكر الإسناد, ثم قال: مثل حديث قبله متنه كذا وكذا, وهو الذي اختاره الخطيب, وأما إذا قال نحوه فأجازه الثوري أيضا ومنعه شعبة, وأما ابن معين فجوزه في "مثله" دون نحوه, قال الخطيب: تفرقه ابن معين بين "مثله" "ونحوه" يصح على منع الرواية بالمعنى فأما على جوازها فلا فرق.
أقول: إن وجهة نظر ابن معين دقيقة؛ لأن المحدثين يريدون بمثله أنه على لفظه, وبنحوه أنه بمعناه, ويفصح عن هذا ما قاله الحاكم أبو عبد الله: إن مما يلزم المحدثين من الضبط والإتقان أن يفرق بين أن يقول: "مثله" أو يقول: "نحوه" فلا يحل له أن يقول: "مثله" إلا بعد أن يعلم أنهما على لفظ واحد, ويحل أنه يقول: "نحوه" إذ كان على مثل معانيه1.
"المسألة الرابعة عشرة": "ذكر الإسناد وبعض المتن"
إذا ذكر الراوي الإسناد وبعض المتن ثم قال: وذكر الحديث ولم
__________
1 علوم الحديث ص237، والتدريب ص168.

الصفحة 162