كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

فإن في إغفاله نوعا من التدليس، وذلك كأن يسمع من غير أصل، أو حصل نوم، أو نسخ حال السماع أو سمع بقراءة مصحف أو لحان أو نحو ذلك ومنه إذا حدث من حفظه في المذاكرة لتساهلهم فيها، فليقل حدثنا في المذاكرة ونحوه كما فعله الأئمة، ومنع منه جماعة كابن مهدي، وابن المبارك، وأبي زرعة الرازي الحمل عنهم حال المذاكرة لتساهلهم فيها، ولأن الحفظ خوان، وامتنع جماعة من كبار الحفاظ وأعلامهم من رواية ما يحفظونه إلا من كتبهم لذلك منهم الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
"المسألة الثامنة عشرة":
إذا كان الحديث عن رجلين أحدهما ثقة والآخر مجروح كحديث لأنس يرويه عنه ثابت البناني، وأبان بن أبي عياش، أو عن ثقتين فالأولى أن يذكرهما لجواز أن يكون فيه شيء لأحدهما لم يذكره الآخر وحمل لفظ أحدهما على الآخر فإن اقتصر على ثقة فيهما لم يحرم، لأن الظاهر اتفاق الروايتين، وما ذكره من الاحتمال نادر بعيد، ومحذور الإسقاط في الثاني أقل من الأول.
قال الإمام أبو بكر الخطيب: وكان مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما أسقط المجروح ويذكر الثقة ثم يقول: وآخر كناية عن المجروح قال: وهذا القول لا فائدة فيه، وقد رد عليه البلقيني فقال: بل له فائدة تكثير الطرق1 والله أعلم. وكذلك حصل هذا من البخاري في صحيحه في مواضع منه كتفسير سورة النساء، وآخر الطلاق، والفتن، وعدة أماكن من طريق حيوة "وغيره" وفي الاعتصام من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح "وغيره" قال السخاوي في "شرح الألفية":
__________
1 علوم الحديث ص240، 241 ط العاصمة، و"التدريب" ص330، و"فتح المغيث" ج2 ص266، 267.

الصفحة 166