كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

والكنية؛ لأنه أبلغ في إعظامه قال الخطيب: لكنه يقتصر في الرواية على اسم من لا يشكل كأيوب ويونس ومالك والليث ونحوهم وكذا على نسبة من هو مشهور بها كابن عون وابن جريج والشعبي والنخعي والثوري والزهري ونحو ذلك, ولا بأس أن يذكر من يروي عنه بلقب كعنذر, أو وصف كالأعمش, أو حرفة كالخياط, أو أم, كابن علية إذا عرف بها وقصد تعريفه لا عيبه أو تنقصه.
ومنها أنه يستحب للشيخ المملي أن يروي في إملائه عن جماعة من غير أن يقتصر على واحد مقدما أرجحهم وأوثقهم ولا يروى إلا عن ثقات من شيوخه دون كذاب أو فاسق أو مبتدع, روى مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن مهدي قال: "لا يكون الرجل إماما وهو يحدث متنه من أحاديث الفقه والترغيب والترهيب ومكارم الأخلاق, وينبه على صحة الحديث أو حسنه أو ضعيفه, وما فيه من علة إن كانت, وعلى ما فيه من علو وفوائد في الإسناد أو المتن وضبط المشكل, وبيان الغريب, أو المعنى الغامض, وعليه أن يجتنب من الأحاديث ما لا تحتمله عقولهم أو يعسر عليهم فهمه كأحاديث الصفات المتشابهة التي لا يأمن على سامعها الغلط, والوقوع في التشبيه وفهمها على غير وجهها, وكذا أحاديث الرخص والإسرائيليات والقصص الباطلة, أو الموهم ظاهرها خلاف المراد منها؛ لأن مجلس الإملاء يحضره العلماء والعوام, وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل السؤال الواحد من جماعة فتختلف إجاباته على حسب أحوال السائلين والظروف والملابسات.
وروى البيهقي في الشعب عن المقدام بن معديكرب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم بما يعزب أو يشق عليهم".

الصفحة 175