كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

قال الحافظ ابن حجر في الفتح "وقد انقرض الخلاف في كون القراءة على الشيخ لا تجزئ وإنما يقول بذلك بعض المتشددين من أهل العراق"1 وحكي القول بصحتها عن الجماهير من الصحابة والتابعين ومنهم الفقهاء السبعة ومنهم الأئمة الأربعة وغيرهم.
الدليل عليها: وقد استدل الحميدي ثم البخاري على ذلك بحديث ضمام بن ثعلبة لما أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: أنا سائلك فمشدد عليك, فلا تجد عليّ في نفسك فقال له: "سل عما بدا لك" فقال: أسألك بربك ورب من قبلك: آلله أرسلك إلى الخلق كلهم؟ قال: "اللهم نعم" , ثم سأله عن شرائع الإسلام من صلاة وصيام وزكاة فلما فرغ, قال: آمنت بما جئت به, وأنا رسول من ورائي. فلما رجع إلى قومه اجتمعوا إليه فأبلغهم فأجازوه أي قبلوا منه. رواه البخاري ومسلم2 وأسند البيهقي في المدخل عن البخاري قال: قال أبو سعيد الحداد عندي خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في القراءة على العالم فقيل له. وما هو؟ قال قصة ضمام: آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم" وقد عقد البخاري لذلك بابًا في صحيحه من كتاب العلم وهو "باب القراءة والعرض على المحدث".
منزلتها مما قبلها: وقد اختلف في مرتبتها بالنسبة لما قبلها, فقيل: هما سواء وحكى هذا عن مالك وأصحابه وأشياخه من علماء المدينة ومعظم علماء الحجاز والكوفة, والبخاري وغيرهم.
وقيل: إنها أعلى من السماع, وحكى هذا عن الإمام أبي حنيفة وغيره, ورواية عن الإمام مالك, واعتلوا بأن الشيخ لو غلط لم يتهيأ للطالب الرد عليه بخلاف ما لو غلط الطالب فإن الشيخ يرد عليه.
__________
1 فتح الباري ج1 ص122.
2 البخاري كتاب العلم, باب القراءة والعرض على المحدث، مسلم كتاب الإيمان, باب السؤال عن أركان الإسلام.

الصفحة 97