الفصل الثاني عصره
عاش برهان الدين الجعبري حياته في آخر النصف الأول من القرن السابع الهجري إلى آخر الثلث الأول من القرن الثامن ما بين 640 - 732 هـ فأدرك آخر عهد الدولة العباسية بالعراق، وشاهد معظم الحروب والأحداث التي حلت في بلاد الإِسلام على أيدي التتار والمغول والصليبيين.
وما حلّ بالمسلمين من تلك النكبات والأحداث، هو نتيجة لأسباب متقدمة بدأت جذورها تنمو مع ابتداء ضعف الدولة العباسية الكامن في ضعف خلفائها المتأخرين الذين تقلص نفوذ سلطان الدولة في عهدهم عن كثير من البلاد الإِسلامية شيئًا فشيئًا، حتى لم يبق لهؤلاء الحكام سوى الحكم الاسمي في بعض المناطق والسيطرة على بعض نواحي العراق وعاصمة الخلافة (بغداد) فقط حتى آلت النتيجة بعد ذلك إلى سقوط عاصمة الخلافة في أيدي التتار في عام 656 هـ، وبهذا انتهى سلطان الدولة العباسية.
ومما ساعد أيضًا على ذلك خيانة وزير الدولة محمد (¬1) بن أحمد بن محمد بن علي المعروف بابن العلقمي المتوفى سنة 656 هـ، وهو رجل شيعي رافضي حاقد، فهو الذي رغب التتار في دخول (بغداد) انتقامًا من أهل السنّة وتعصبًا لنحلته الخبيثة (¬2). وبعد ذلك كله، سقطت عاصمة الخلافة وقلعة الإِسلام (بغداد) في أيدي التتار وعاثوا فيها فسادًا، فقتلوا النساء والأطفال والشيوخ والعلماء والأعيان، وأحرقوا التراث الإِسلامي، وطمسوا معالم بغداد الحضارية، ولم يسلم من بطشهم إلَّا من داراهم أو أعانهم على هذه الفعلة الشنيعة القبيحة من الشيعة (¬3).
¬__________
(¬1) له ترجمة في فوات الوفيات 3/ 252، والبداية والنهاية 13/ 212 في وفيات سنة 656 هـ، وفي الوافي 1/ 184، وفي العبر 5/ 225 وفي شذرات الذهب 5/ 272، وفي مرآة الجنان 4/ 147، وفي النجوم الزاهرة 7/ 20، وفي تاريخ الخميس 2/ 377، وتاريخ ابن الوردي 2/ 201، وفي الأعلام 5/ 321.
(¬2) راجع في هذا: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 200 - 212 - 222.
(¬3) انظر: البداية والنهاية 13/ 200 - 220 ما أحدثه التتار في بلاد العراق والشام.