كتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار

وقد شاهد برهان الدين الجعبري هذه الأحداث المؤلمة عن كثب وهو في بلده (قلعة جعبر) (¬1) وهو في الثالثة عشرة من عمره.
ومن جانب آخر فقد أدرك آخر عهد الدولة الأيوبية في الشام، وعاش معظم حياته في ظل دولة المماليك التي قامت على أنقاض دولة بني أيوب سنة 648 هـ وهؤلاء المماليك هم من الشراكسة الأتراك الذين دام ملكهم على بلاد الشام ومصر أكثر من ثلاثة قرون، وقد كان يمتد سلطانهم إلى جنوب شبه الجزيرة العربية في بعض الأحيان. ولهم دور هام كبير في صد حملات التتار ومنعهم من دخول مصر ومطاردتهم عن بلاد الشام، ودارت عدة معارك وحملات خلدها التاريخ لهؤلاء المماليك بقيادة كثير من زعماءهم ضد التتار والصليبيين الغاصبين.
وقد كانت أول معركة وقعت في (عين جالوت بفلسطين) (¬2) في شهر رمضان عام 658 هـ بقيادة الملك المظفر قطز (¬3) بن عبد الله، المتوفى سنة 658 هـ وقد حقق الله على يديه النصر المؤزر للمسلمين على التتار فصدهم وقهر جيوشهم (¬4).
ثم تتابعت حملات التتار بعد ذلك على بلاد الشام، وكان قائد جيوش المسلمين في هذه المعارك هو السلطان الظاهر بيبرس (¬5)، المتوفى سنة 676 هـ الذي قهر التتار في سنة
¬__________
(¬1) قلعة جعبر: تقع على نهر الفرات بين باب والرقة قرب صفين، وقد كانت تسمى قديمًا (دوسر) فنزلها رجل من بني قشير بن كعب بن ربيعة واستولى عليها ولقب نفسه بالأمير سابق الدين الجعبري، وسميت بعد ذلك المنطقة باسمه. انظر سير إعلام النبلاء 18/ 552.
معجم البلدان 2/ 141، وتاريخ ابن خلكان 1/ 363 والبداية والنهاية 13/ 177.
(¬2) عين جالوت: منطقة لطيفة في فلسطين، بين بيسان ونابلس.
معجم البلدان 4/ 177.
(¬3) له ترجمة في: البداية والنهاية 13/ 225، وفي ذيل الروضتين ص 210، وفوات الوفيات 3/ 201، وفي العبر 5/ 247، وذيل مرآة الزمان 2/ 31 - 35، وفي السلوك القسم الأول المجلد 3/ 417، 435 وفي النجوم الزاهرة 7/ 72، وفي تاريخ ابن إياس 1/ 96، وفي شذرات الذهب 5/ 593، وفي الأعلام 1/ 201.
(¬4) انظر: البداية والنهاية. حوادث سنة 658 هـ 13/ 220.
(¬5) له ترجمة في البداية والنهاية 13/ 274, تاريخ أبي الفداء 3/ 207، تاريخ ابن الوردي 2/ 223، تاريخ ابن إياس 1/ 98, 112, السلوك للمقريزي القسم الأول المجلد 2/ 436، الدارس للنعيمي 1/ 349، حسن المحاضرة 2/ 95، فوات الوفيات 1/ 235، الأعلام 2/ 79.

الصفحة 24