وفهمِهم، أنْ تُضرَبَ أقوالُهم بعضُها ببعضٍ في البابِ البَيِّنِ الواضِحِ؛ كحجابِ المرأةِ ولباسِها.
وعلى هذا الجمعِ بوَّب البيهقيُّ في «سننه» فقد ترجَمَ على تفسيرِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما لقولِه تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، فقال: «باب: ما تُبْدِي المرأةُ مِن زينَتِها للمَذْكُورِين في الآيةِ مِن محارِمِها»، ثم أورَدَ قولَ ابنِ عباسٍ الذي فيه: «والزِّينةُ الظاهرةُ: الوجهُ وكُحْلُ العينِ وخِضَابُ الكَفِّ والخاتَمُ؛ فهذا تُظْهِرُه في بيتِها لمن دخَلَ عليها» (¬1).
ونصَّ على هذا ابنُ عبدِ البرِّ؛ فجعَلَ كشفَ الزينةِ وإظهارَها للمحارمِ لا للأجانبِ، فقال: «إنَّ ذَوِي المحارِمِ مِن النَّسَبِ والرضاعِ لا يُحتجَبُ منهم ولا يُستتَرُ عنهم إلا العَوْراتُ، والمرأةُ فيما عدَا وجهَها وكَفَّيْها عورةٌ» (¬2).
ومَن نظَرَ إلى تفسيرِ بقيةِ الصحابةِ في ذلك، وجَدَ أنه يتطابَقُ مع هذا المعنى ويوافِقُه؛ كما صحَّ عن عبدِ الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه؛ أنَّ الزينةَ الظاهرةَ: الثيابُ (¬3)، وعلى هذا
¬__________
(¬1) سبق تخريجه (ص 105 - 106).
(¬2) انظر: «التمهيد» (8/ 236).
(¬3) أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (2/ 56)، وسعيد بن منصور=