كتاب الحجاب في الشرع والفطرة

النظرُ إلى بعضِ المواضعِ منها؛ للحاجةِ والضرورةِ» (¬1)، وهو هنا يريدُ عورةَ النظرِ.
ولذا؛ لا تَجِدُ مَن يُبِيحُ مِن الحنفيَّةِ المحقِّقِين للمرأةِ كشفَ وجهِها إلا في سياقِ الحاجةِ إلى النظرِ إليها في العقودِ والحقوقِ، ويُفَرِّقُون بينَ أصلِ النظرِ، وبين الحاجةِ إليه، ويفَرِّقُون بين عورةِ السترِ وعورةِ النظرِ؛ قال الطحطاويُّ في «حاشيته»: «قولُه: «وجميعُ بدنِ الحُرَّةِ»؛ أي: جسَدِها، قولُه: «إلا وَجْهَها»، ومنعُ الشابَّةِ مِن كشفِهِ لخوفِ الفتنةِ، لا لأنَّه عورةٌ» (¬2). انتهى.
وهذا ما يقَرِّرُه علماءُ الحنفيةِ ومحقِّقُوها؛ كالجَصَّاصِ (¬3)، وابنِ عابِدِين (¬4)، وغيرِهما.
وأمَّا الشافعيُّ: فلا يختلِفُ القولُ عنه بوجوبِ سترِ المرأةِ لوجهِها لأجلِ النظرِ كقولِ مالِكٍ وأبي حنيفةَ، وما نقلَه المُزَنِيُّ عنه في تفسيرِ الزينةِ الظاهرةِ: بالوجهِ والكَفَّيْن (¬5)، فهو
¬__________
(¬1) انظر: «المبسوط» للسرخسي (10/ 145).
(¬2) انظر: «حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح» (ص 241).
(¬3) انظر: «أحكام القرآن» (5/ 172 - 173 و 245).
(¬4) انظر: «رد المحتار» (2/ 79).
(¬5) انظر: «مختصر المزني» (ص 163).

الصفحة 149