كتاب الحجاب في الشرع والفطرة

قال: كانَ الفَضْلُ رَدِيفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فجاءَتِ امرأةٌ مِنْ خَثْعَمٍ، (وفي روايةٍ: وَضِيئَةٌ)، فجعَلَ الفضلُ ينظُرُ إليها وتنظُرُ إليهِ، (وفي روايةٍ: أعجَبَه حُسْنُها)، فجعَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وجهَ الفضلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فقالتْ: إنَّ فريضةَ اللهِ أدركَتْ أبي شَيْخاً كبيراً لا يثبُتُ على الراحلةِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال: (نَعَمْ)؛ وذلك في حَجَّةِ الوداعِ (¬1).
وبيان ما أشكَلَ فيه مِن وجوهٍ:
أولاً: صحَّ أنَّ الخَثْعَميَّةَ جاريةٌ عُرِضَتْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَجِّهِ ليَرَاها فيتزَوَّجَها، كما جاءَ عنِ الفضلِ بنِ عبَّاسٍ، قال: كُنْتُ رِدْفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأعرابِيٌّ معه ابنةٌ له حَسْناءُ، فجعَلَ يَعْرِضُها لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رجاءَ أنْ يتزَوَّجَها، قال: فجعَلْتُ ألتَفِتُ إليها، وجعَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأخُذُ برَاسِي فيَلْوِيه، وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حتى رمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ؛ أخرَجَه أبو يَعْلَى بسندٍ صحيحٍ (¬2).
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عنِ الخِطْبَةِ في الحجِّ (¬3)؛ لا العَرْضِ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (1513 و 1854 و 1855 و 4399 و 6228)، ومسلم (1334).
(¬2) أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (6731).
(¬3) كما في حديث عثمانَ بنِ عَفَّان رضي الله عنه عند مسلم (1409).

الصفحة 164