كتاب الحجاب في الشرع والفطرة

ولكنَّهم يختَلِفُون في أصلِه: هل هو مِن كَلْبٍ، أو مِن مَذْحِجٍ، أو مولىً مِن موالي فارِس، وإنْ نسَبَه بعضُهم لبَنِي عامِرٍ؛ فإنَّ المولَى يُنْسَبُ لقومِه وَلَاءً؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (مَوْلَى القَوْمِ مِنْهُمْ) (¬1)، وسعدُ بنُ خَوْلةَ مَوْلىً قديمٌ، فأمُّهُ مولاةٌ كذلك لسعدِ بنِ أبي السَّرْحِ، كما ذكَرَه البلاذُرِيُّ في «أنساب الأشراف» (¬2)؛ ولذا جاءَ في «الصحيح» عن سُبَيْعةَ: «أنَّها كانتْ تحتَ سعدِ بنِ خَوْلةَ وهو في بَنِي عامِرٍ» (¬3)، وهذا غالباً يُطْلَقُ على الموالي والحُلَفَاءِ، لا على الحُرِّ، وأصيلِ النسَبِ، فالحُرُّ يقالُ فيه غالباً: «مِن بني فلانٍ»، والمولَى والحَلِيَفُ يُقال فيه غالباً: «في بَنِي فلانٍ».
والأصلُ أنَّ سُبَيْعةَ الأسلميةَ مولاةٌ كزَوْجِها، ونِسْبَتُها لأسلَمَ كنِسْبَةِ زوجِها سعدٍ لبَنِي عامِرٍ؛ فإنَّ العرَبَ لا تزوِّجُ الحرائرَ العبيدَ، وليس مِن عاداتِها ذلك، والخروجُ عن هذا الأصلِ نادِرٌ يَفْتقِرُ إلى بيِّنةٍ تنقُلُه، وكانتِ الحرةُ تَسْتثقِلُ
¬__________
= و «أنساب الأشراف» (1/ 222)، و «تلقيح فهوم أهل الأثر» (ص 143)، و «المُحَبَّر» (ص 276 و 288)، و «أسد الغابة» (2/ 191 - 192)
(¬1) أخرجه أبو داود (1650)، والترمذي (657)، والنسائي (2612)؛ من حديث أبي رافعٍ مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
(¬2) «أنساب الأشراف» (1/ 222).
(¬3) «صحيح البخاري» (3990).

الصفحة 170