كتاب الحجاب في الشرع والفطرة

وقد كانت عائشةُ رضي الله عنها تُبيِّنُ التفريقَ بينَ النقابِ والتغطيةِ بغيرِه، وأنَّ التغطيةَ جائزةٌ ولو كانتِ المرأَةُ وحدَها؛ كما في البخاريِّ معلَّقاً، وأسنَدَه ابنُ حزمٍ والبيهقيُّ، قالت: «لا تَنْتقِبْ ولا تَلَثَّمْ، وتَسْدُلُ الثوبَ على وجهِها»، وعندَ البيهقيِّ: «إن شاءَتْ» (¬1).
وعلى هذا يَنُصُّ الفقهاءُ في كتبِهم عندَ ذكرِ المرأةِ ولباسِها حالَ إحرامِها، فيقولون عباراتٍ تُزِيلُ اللبسَ فيقولون: «ولها أن تغطِّيَ وجهَها»، وربَّما قال بعضُهم: «ويجوزُ لها أنْ تُغَطِّيَ وجهَها عند الرجالِ».
ويبيِّنُ بعضُ الفقهاءِ المرادَ كالعِمْرَانِيِّ الشافعيِّ كما في «البَيَان»؛ قال بعدَ تقريرِ ذلك: «ولَسْنَا نريدُ بذلك أنَّها
¬__________
(¬1) علقه البخاري (2/ 137). فقال: «ولَبِسَتْ عائشةُ رضي الله عنها الثيابَ المُعصْفَرَةَ وهي مُحرِمةٌ، وقالت: لا تَلَثَّمْ ولا تَتبَرْقَعْ، ولا تلبَسْ ثوباً بوَرْسٍ ولا زعفَرَانٍ»، ووصَلَه ابنُ حزمٍ في «المحلَّى» (7/ 91)؛ فقال: وروينا عن وكيعٍ ... سُئِلَت عائشةُ أمُّ المؤمِنِين: ما تلبَسُ المحرِمَةُ؟ فقالت: «لا تنتَقِبْ ولا تَلَثَّمْ، وتَسْدُلُ الثوبَ على وجهِها»، ووصلَه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (47/ 5)؛ بلفظِ: «المحرِمَةُ تَلْبَسُ مِن الثيابِ ما شاءتْ؛ إلا ثوباً مَسَّه وَرْسٌ أو زَغفَرانٌ، ولا تتبَرْقَعْ ولا تَلَثَّمْ، وتَسْدُلُ الثوبَ على وجهِها إنْ شاءَت».

الصفحة 73